الاعتذار مسؤولية تتطلب الشجاعة.. الضعفاء يعجزون عنه

أحلام يوسف:
يقول المهاتما غاندي” التسامح سمة الأقوياء، وحدهم الضعفاء لا يقدمون على المسامحة”، الكثير منا يؤمن بأن الاعتذار ضرورة في حال ارتكاب خطأ ما بحق أحد.
الاعتذار قوة هذا ما يقوله البعض كونه دلالة على اعتراف بالخطأ وهو فضيلة كما تقول الحكمة او المثل، والاعتراف بالخطأ خطوة أولى لتصحيحه مستقبلا، او في الأقل الحذر من تكراره فيما بعد. لكن في حال تكرار الخطأ والحاقه بتكرار الاعتذار، فهل يسمى حينئذ شجاعة او قوة؟
الباحثة النفسية تاتيانا فاضل تقول ” الاعتذار مسؤولية، ان اتحمل مسؤولية افعالي، لكن المشكلة اننا نربي أولادنا على ان الاعتذار نقطة ضعف، وذلك حصرا في اثناء التعامل مع الولد، اذ ان المنطق الذي يبدأ الايمان به، ان البكاء والاعتذار ضعف، وبصفته رجل المستقبل عليه ان يكون مصدرا للقوة، لذلك نقول ان الاعتذار هو القوة لأنه يتطلب شجاعة واراحة للنفس والضمير. هناك من يهرب من الاعتذار، بإيجاد مبررات لارتكابه الخطأ كأن يقول لقد فعل كذا وكذا لذلك قمت بالرد عليه. وهؤلاء هم اجبن من ان يقوموا بفعل شجاع، فعلينا ان نفهم قبل كل شيء معاني المفردات..قوة..شجاعة..ضعف.
منار النجار تعمل بصالون حلاقة للسيدات تجد ان الاعتذار يتوقف على أسس أولها الحاجة او الضرورة له وتقول: الخطأ أحيانا لا يستحق فعل الاعتذار بل تناسيه والتعامل بنحو طبيعي مع الطرف الآخر، لأني لو اعتذرت عن كل خطأ بغض النظر عن حجمه وتأثيره فلن يكون هناك قيمة لاعتذاري مستقبلا، لذلك، أجد ان الاعتذار له حالات خاصة، يمكن ان تتسبب بخلاف او قطيعة، خاصة ان كان من أخطأت بحقه من المقربين لي.
ويجد حسن الجبوري، باحث اجتماعي واستاذ جامعي اننا كشعوب وعلى مر التاريخ لم نسمع بدولة عربية اعتذرت من دولة أخرى، بغض النظر عن حجم الخطيئة التي مورست ضدها، وأضاف: في البيت نشعر بالخجل من الاعتذار أكثر من خجلنا من ارتكاب الخطأ، وتلك مفارقة عجيبة، وكأنها متوارثة، لم يقدم أحد من الاهل على ترسيخ مفهوم ان ارتكاب الخطأ بحق أحد هو ما يستحق الخجل منه، وليس الاعتذار، لان الاعتذار هو تصحيح للخطأ وتصحيح لمسار العلاقة بين الطرفين، إضافة الى انه اثبات حسن نية ورغبة بالمحافظة على العلاقة.
الاعتذار صعب، خاصة ان كان المخطئ كبيرا بالسن، هذا ما بدأت بقوله كريمة الياسري التي تحدثت عن بعض المواقف بينها وبين والدتها: الاعتذار له اصوله الاجتماعية التي اعتدنا عليها، فوالدتي في كثير من الأحيان تخطيء بحقي، لكني ابادر دوما للاعتذار منها، بحجة أنى اغضبتها، برغم انني أحيانا اعرف سبب انفعالها، لكني أجد انه من العيب ان انتظر منها اعتذارا، فلا اريد ان تشعر بذلة أمام أحد وان كنت انا.
الياسري ذكرت ان الاعتذار ذلة عندما يكون صاحبه كبيرا بالسن فهل ذلك منطق صحيح؟ تقول مها العبودي، الباحثة الاجتماعية: لا يوجد وصف للاعتذار الا انه قوة وشجاعة، وبالعكس انا أجد ان الاهل هم اول من يؤسس لثقافة الاعتذار، فعندما اعتذر من ابني او ابنتي بسبب ارتكابي خطأ بحقهم، فسألقنهم درسا بأن الاعتذار لا يعني الضعف ابدا، ومن هذا الموقف سيتعلم الأولاد مستقبلا بان يقروا بذنبهم من دون أي تردد، لذلك فلا يوجد سن ولا منصب لموضوع الاعتذار، لأنه يتطلب ثقة بالنفس وقوة شخصية.
الاعتذار قوة.. ذلك ما أكده الباحثون، لكن كيف لنا ان نرسخ ذلك المفهوم لدى أطفالنا، وهل يتعلق الامر بالتربية المنزلية ام ان المواقف التي يشهد عليها الطفل في الشارع والمدرسة ومع الأصدقاء هي من يسهم بترسيخ بعض المفاهيم الخاطئة او الصائبة لديه؟

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة