أطلقت الحكومة قبل أيام استراتيجيتها للحدّ من الفقر، ومعالجة التدهور الشديد في الأوضاع الاجتماعية، وسط شكوك متزايدة بأن وراء هذا المسعى الحكومي المباغت رسالة دعائية مرتبطة بالانتخابات المقرّر أجراؤها في أيار القادم.
بالنسبة لي سأحتفظ بشكوكي، وأحسن الظن بالحكومة، وأقدر خطوتها عالياً، وأعتبرها في الطريق الصحيح، شريطة أن تقترن بتحقيق وعود السيد حيدر العبادي لمحاربة الفساد، واسترجاع الأموال المنهوبة وهي بمئات مليارات الدولارات، وأن لا تظل هذه الوعود مجرد تهديدات يلوح بها بين حين وآخر.
يدرك السيد العبادي قبل غيره أن الفساد المشدود إلى الحكومة كحبل السرة، هو من رفع معدل الفقر في البلاد حتى بلغ مستويات غير مسبوقة، وهو المسؤول عن الحرمان الناجم عن التوزيع غير العادل للثروة الوطنية. ووفقاً لبيانات وزارة التخطيط، انحصرت نسبة الفقر بنهاية 2013 في حدود 16 في المئة، قبل أن تأخذ في التصاعد، منذ ذلك الوقت، على نحو مثير لتصل إلى 22 في المئة خلال 2014، ثم ترتفع إلى 30 في المئة، خلال عام 2016.
وتفيد تقارير متطابقة أن أكثر من مليوني عراقي يواجهون صعوبات في الحصول على الغذاء والمأوى على أساس يومي. وقدر الدخل اليومي لهذه الأسر بأقل من دولارين في اليوم، كما تفيد بوجود نحو 20 في المئة من العراقيين يعيشون في فقر مدقع، وأن خمسة في المئة منهم يعانون من تدهور شديد في أوضاعهم المعيشية.
وتكشف هذه التقارير عن “فقر عراقي متعدد الأبعاد”، فثمة فقر أعلى بكثير بين الأسر الأكبر حجماً، وتلك التي يعيلها أفراد أقل تعليماً، أو من النساء والشباب، وثمة معدلات عالية للفقر في المناطق النائية والريفية، والمناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
وقد فاقمت من مشاكل الفقر، الزيادة الكبيرة في عدد السكان، فرغم انخفاض معدل النمو السكاني في العراق، خلال العامين الماضيين، لكنه لا يزال من بين المراكز العشرة الأولى في العالم، حيث تجاوز عدد السكان 36 مليون نسمة مقارنة بـ 23 أو 26 مليوناً في عام 2003.
ولا أدري، هل لدى الحكومة خطط واقعية للتعامل مع هذه الزيادة الآخذة في الاضطراد؟
على حد علمي، لم يناقش البرلمان العراقي موضوع الزيادة السكانية من أجل إيجاد مخرج قبل أن تتحول إلى أزمة. واذا لم يتم وضع خطط طويلة الأجل لوقفها، والتعامل مع الوضع الحالي بجدية، فان الفقر سوف ينتشر، وتنتشر معه البطالة والفاقة وسوء التغذية.
فريال حسين
فقر عراقي متعدد الأبعاد
التعليقات مغلقة