عباءة الأحزاب !

لايمكن لاي نظام ديمقراطي ان يحوز العناوين الديمقراطية من دون وجود التعددية وفي ظل الحريات العامة يعبر الافراد والاحزاب ووسائل الاعلام والجمهور بشكل عام عن آرائهم ومواقفهم تجاه الاحداث من دون ضغوط او اكراه والاصل ان تكون هذه الاراء وهذه المواقف من صميم الافكار الوطنية وان تستهدف الصالح العام وان لاتغلف بالمصالح الفردية او الفئوية وان لاتفرض حضورها على حساب طمس حضور الاخرين وفي التجربة السياسية العراقية ثمة انتهاكات للدور الذي اضطلعت به الاحزاب في كل مفاصل ومرافق التغيير الذي شهده العراق ومن يدرس ويتعمق في الدور الذي لعبته الاحزاب بكل عناوينها سيجد تشويها واضحا لمفهوم التعددية في العراق حيث كرس الاصرار على اتباع المحاصصة الحزبية في تشكيل الحكومات واختيار وتعيين الوزراء والمسؤولين وفسح المجال للتدخلات الاقليمية من قبل هذه الاحزاب في هذه المهمة وعدّه نهجا مسلما فيه اولى معالم التشويه في النظام الديمقراطي وباتت عباءة الاحزاب هي الاوسع والاكثر شمولا في كل تفاصيل العمل السياسي والاخطر من ذلك ان ادارة الدولة بمراتبها العليا المتمثلة برؤساء السلطات الثلاث (رئيس البرلمان ورئيس الوزراء ورئيس السلطة القضائية ) لايمكنهم الخلاص من تأثير ووصاية الاحزاب بعد توليهم لمسؤولياتهم ولربما تم اخذ العهود منهم بالاخلاص والولاء لاحزابهم او الاحزاب المتنفذة قبل اختيارهم او تعيينهم في مناصبهم في صفقات سياسية يتم التداول فيها وحسمها في غرف مغلقة وبعيدا عن الاضواء ولايمكن انكار الضغوط الحزبية التي يتعرض لها قادة ومسؤولون باعلى المستويات حيث يعترف بعضهم بها في الاحاديث واللقاءات الرسمية او في المؤتمرات الصحفية فيما يفضل البعض الاخر التزام الصمت او الاشارة اليها ببعض العبارات الرمزية ولابد هنا من التمييز والتفريق بين الاستحقاق الذي وفره النظام الديمقراطي للاحزاب في تشكيل الحكومات واختيار رئيس الوزراء وبين فرض الوصاية والاستئثار بكل مقاليد الادارة والتحكم باتخاذ القرارات الذي تريده بعض الاحزاب ملكا صرفا لها لايشاركها حزب اخر او كتلة سياسية اخرى فيه وقد آن الاوان ان ينزع العراق عباءة الاحزاب الثقيلة عن الوطن دولة وشعبا ومقدرات من دون المساس بجوهر الديمقراطية او عناوينها الاصيلة وهذا يحتاج الى اعادة تصحيح لدور الاحزاب في النظام السياسي الحالي وتشذيبه من الاخطاء والانتهاكات الفاضحة للديمقراطية في هذه البلاد .
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة