مكافحة الإرهاب: الاستراتيجيات والسياسات

(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 40
جاسم محمد*

الفصل الثالث : قوانين وسياسات جديدة لمكافحة الإرهاب
دول شهدت صدور قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب
قانون باتريوت
“آكت ” أو قانون مكافحة الإرهاب ، أو قانون الوطنية هو قانون قد تم إقراره بعيد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 ، وهو خاص بتسهيل إجراءات التحقيقات و الوسائل المطلوبة لمكافحة الإرهاب ، مثل إعطاء أجهزة الشرطة صلاحيات من شأنها الاطلاع على المقتنيات الشخصية للأفراد و مراقبة اتصالاتهم و التنصت على مكالماتهم بغرض الكشف عن المؤامرات الإرهابية .[2] هذا القانون يعطي الهيئات التنفيذية المتمثلة في أجهزة الشرطة و مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI صلاحيات واسعة في مجال مراقبة و تفتيش المشتبه فيهم دون أن يكون لديهم أدلة ملموسة تدينهم بنحو مباشر ودون فرض رقابة كافية على تلك الصلاحيات ، اللهم فقط بإعطاء القضاء الاميركي صلاحية مراقبة عمل أجهزة الشرطة مع عدم تبني مزيد من التدابير التي تدعم هذه الصلاحية ، مثل إنشاء وكالة مستقلة للحريات المدنية تعمل على مراقبة ال FBI. من المواقف البارزة لمجلس النواب الاميركي هو تصويت 257 صوتاً على تثبيت قانون باتريوت في مقابل 171 صوتاً ضد هذا التثبيت. ولعرض مواقف أبرز الحزبين داخل المجلس، فإن موقف الحزب الجمهوري تجاه هذا القانون مؤيداً لتوسيع العمل بقانون باتريوت، وإقرار عقوبة الإعدام في جرائم مثل تمويل الإرهاب وبعض الجرائم المرتبطة بالإرهاب، إلا أن الحزب الديمقراطي – وهو الخصم اللدود للحزب الجمهوري – قد قد سعى لوقف العمل ببعض مواد القانون التي تمثل تهديداً لخصوصية الأفراد وهي التي تتعلق بالتوسع في سلطات التفتيش ومصادرة الوثائق الخاصة والتنبؤ بالوصول إلى مرحلة إساءة استخدام هذا القانون.
وحين مرر الكونجرس الاميركي برنامج “بريزم” المستخدم في التجسس منذ عام 2007، لم يجد في استخدامه مانعاً انطلاقاً من أنه يستهدف حماية الأمن القومي الاميركي. ومن هذا المنطلق نشطت إدارة بوش ومن ثم إدارة أوباماً في تطويره واستخدامه، مع وعود بمراجعته أدوات المراقبة الكونية لاحقاً. ولم تتحرج الولايات المتحدة من هذه المعلومة التي كشفها عميلها السابق سنودن، إذ أن أية ممارسات تدعم الأمن القومي هي من الأمور المسموح بها في إطار منظومة «باتريوت» التي أجازت التنصت على أي مواطن اميركي أو غير اميركي لتوفير أي معلومات أو أدلة تدعم العدالة على حد زعمهم. لكن هذه الممارسات تشوبها الريبة لما تنطوي عليه من انتهاك للخصوصية، وهو ما واجهته بقوة مؤسسات المجتمع المدني في الولايات المتحدة وأوروبا دون جدوى، حيث تجد الإدارة الاميركية دائماً ما يبرر تلك الممارسات ويخرجها من دائرة الحظر.
التداعيات
إن قضية سنودن المتعاقد مع وكالة NASA الخاضعة لوكالة الأمن القومي، أحدثت أضرارا كبيرة في العلاقات مابين واشنطن وحلفائها خاصة المانيا. الولايات المتحدة ما زالت تملك قاعدة اميركية قرب فرانكفورت ـ فيسن بادن ولا يستبعد استخدامها لأغراض التجسس وسط أوربا.

[2] (لوكسبراس الفرنسية)
وبدون شك فأن الاستخبارات الخارجية الالمانية والداخلية ـ حماية الدستور ـ سوف تخضع السفارة الأميركية للمراقبة والرصد الفني اكثر، فلا يستبعد أن تكون السفارات الأميركية في العالم أن تمثل محطات تواصل مع وكالة NASA فنيا. تجدر الاشارة الى ان سفارات الولايات المتحدة عبر العالم يكون فيها شعبة اتصالات خاصة، غير الاتصالات الروتينية، وهذه الشعبة لايمكن الدخول لها من قبل الدبلوماسيين الا العاملين فيها وتكون في طابق معزول.
أن تداعيات هذه القضية على المانيا لها وقع اشد من غيرها كونه تعيد للأذهان عمليات تجسس جهاز مخابرات المانيا الشرقية المعروف تحت مختصر STASI “ستازي”، والأكثر ان انجيلا ميركل كانت تعيش خلال تلك الفترة في المانيا الشرقية تحت سيطرة STASI، الاتحاد السوفياتي سابقا. لذا كان ردود فعل ميركل عنيفا جدا. ما يشهده العالم الأن من صراعات وتوافقات خاصة في منطقة الشرق تعكس عودت الحرب البارد وحرب الجواسيس بين الطرفين والتي تضرب بتداعياتها حلفاء الطرفين في المنطقة.

إتفاقيات سرية لوكالة الأمن القومي
إن ماتقوم به وكالة الأمن القومي الاميركي من تجسس على مستوى افراد وحكومات وشركات يعتبر مخالفة قانونية تحاسب عليها الولايات المتحدة، كونها تستعمل الخوادم الاميركية للتجسس. فبرغم نفي المسؤولين في الخوادم الاميركية وابرزها Google فان المعلومات أكدت بان وكالة الأمن القومي الأميركية لديها اتفاقات سرية، غير معلنة مع عدد من الخوادم اي محركات الأنترنت للدخول وتصفح المشاركين في مختلف دول العالم من خلال برنامجها الاستخباري الفني بريزم، هذا البرنامج يسمح لها التقاط المعلومات من خلال تغذية الملقمات. وشركات الاستضافة والانترنت لديها القدرة على تسجيل المعلومات الخاصة بعملائها ونوعية المواد والمواقع التي يتصفحونها، والاحتفاظ بهذه المعلومات على الخوادم. هذه التسريبات اثارت القلق لدى دول الاتحاد الاوروبية اكثر من غيرها وخاصة المانيا وفنلندة التي تعتمد على الخوادم الاميركية وأعادت للأذهان رواية Orwellian language للكاتب مايكل شيلدن عام 1884 والتي حققت مبيعات كبيرة كونها كانت تقوم على فكرة التجسس على الافراد داخليا، وقضية تجسس نفق برلين مطلع الخمسينيات والحرب الباردة.
وتفاعلت قضية تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية على هاتف أنجيلا ميركل، مستشارة المانيا الكثير من ردود الفعل الشديدة على مستوى الحكومة والأعلام. وفقا لحديث المؤرخ “جوزيف فوشبوت” مع دوتشة فيلة الالمانية، إن الحكومة الإتحادية سمحت للحلفاء مثلا بحق القيام بعمليات إستخبارية واسعة النطاق على الأراضي الالمانية، بالإضافة الى حق التحكم في النظام البريدي ونظام الهاتف في المانيا الغربية. وأضاف “هذه الاتفاقيات لا تزال سارية المفعول وملزمة لجميع الحكومات الاتحادية المتوالية”. وكان برنامج التجسس الأميركي قد بدأ العمل به في عهد ريتشارد نيكسون عام 1969.
تعمل الدول الأوروبية على تشريع وتوقيع “اتفاقية حظر التجسس”، تتعهد فيها الأطراف المعنية بعدم التجسس على بعضها البعض وسوف تعمل بريطانيا على ايجاد خوادم خاصة بها.

[2] (لوكسبراس الفرنسية)
وفي بيان للحكومة الالمانية، أنها أوفدت رئيس الإستخبارات الخارجية ورئيس الإستخبارات الداخلية ومنسق الاستخبارات الفيدرالية الى واشنطن للوقوف على حقيقة عملية التجسس عبر القنوات الإستخبارية
يجدر الاشارة بأن وكالة NASA “ناسا” تابعة الى وكالة الأمن القومي وتخضع لقوانينها. وفي حديث الجنرال كيث الكسندر خلال جلسة استجواب الكونغرس الأميركي أنكر تقرير الواشنطن بوست، بأن وكالة NASA تحصل من شبكتي ياهو وكوكل يوميا على معلومات تخضع للتسجيل وتقدر بمئات الملايين من المعلومات، وفقا لتقرير الديلي تلغراف بنسختها الأصلية ـ الإنكليزية في 30 تشرين الاول 2013 والواشنطن المقربة من البنتاغون ذكرت بأن وكالة NASA لديها برنامج MUSCULAR يتم تشغيله بالاشتراك مع نظيرتها وكالة GCHQ البريطانية. بالدخول بنحو طبيعي على حزم الالياف الزجاجية وبنحو مستمر، هذا البرنامج يمكنها جمع 181 مليون سجل خلال شهر واحد. لكن David Drummond مسؤول الدائرة القانونية في Google أنكر تمرير المعلومات الى الوكالة. ويضيف الجنرال الكسندر في مؤتمر قائلا “أنا أستطيع القول باننا لا ندخل على خوادم Google وYahoo لكننا نسلك الطرق القانونيةـ عبر القضاء”، وهي عبارة غير مباشرة بأن الوكالة تعترض مرور المعلومات، فقد بات معروفا أن الوكالة تدخل على حزمة الالياف الزجاجية تحت البحار.
الولايات المتحدة اتخذت قرار في آب 2013، باغلاق العشرات من سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الشرق الأوسط وافريقيا بناء على اعترافها باعتراض اتصال ربما يكون هاتفي او عبر الأنترنيت مابين الظواهري وناصر الوحيشي، زعيم تنظيم القاعدة في اليمن.

* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة