دموع الرشا

اصيبت بجلطة دماغية على إثر سماعها نبأ استشهاد زوجها.
« رشا» ذات الرابعة والعشرين ربيعاً ام لطلفين حرما من والدهما وامهما في الوقت ذاته لكون الام عاجزة تماماً عن أداء واجباتها تجاههما، بعد ان اصاب الشلل يدها اليمنى وساقيها، مما جعل والديها يتولون رعايتها هي واطفالها والتكفل بعلاجها، وبعد ان استنفد الأب كل ما يملك من اموال ادخرها للمستقبل الذي لم يتوقع أن يخبئ له المصاب الذي الم بابنته ولم يدخر جهداً او مالا لشفائها.
رشا لا تقوى حتى على الكلام ولغتها الوحيدة الدموع التي لم تجف منذ رحيل شريك دربها الذي لم يمهله القدر كي يربي طفليه مؤمل ذو الاربع وروان ذات الست سنوات اللذان كانا يرددان ان والدهما بالدوام ويتأملان عودته في أية لحظة ولم يدركا ان الموت اخذ والدهما.
الاب والام خشيا على ابنتهما ان تظل مقعدة وهما اللذان وصلا ارذل العمر وتمكن منهما المرض والتعب وجل مطلبهما ان تولي الدولة ووزارتا الدفاع والصحة الاهتمام بعائلات الشهداء وان تتكفلا بعلاج ابنتهما خارج البلاد بعد ان اجمع المختصون ان علاجها غير متوفر في العراق، ويجب علاجها في الخارج ولكون والد «رشا» لم يعد قادراً على توفير المال لعلاج ابنته التي يراها تذبل يوماً بعد يوم اخر، الى جانب ان حفيديه بحاجة ماسة لامهما التي هي أيضاً تموت في اليوم مئات المرات وهي تنظر بعجز الى اطفالها.
لم تطلب « رشا» التي التقتها فضائية عراقية وتداول كثيرون قضيتها على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، سوى السير على قدميها اللذين عجزا عن حملها بعد ان المت بها واقعة زوجها وحبيبها الذي لم تمهلها الاقدار توديعه او حتى إلقاء نظرة اخيرة عليه.
مثل هذه القصص التي يكاد يشيب لها الرضيع المت بعائلات الشهداء على مدى السنوات السبع الاخيرة ولكلها قاسم مشترك واحد يتمثل بالاهمال الذي تعانيه الاسر التي ضحت بدماء ابنائها ليظل هذا الوطن موحدًا ولتتشتت هي بين العوز والفقر والمرض من دون ان تتمكن من ايصال حتى صوتها.
المآسي التي مرت وتمر بها المرأة في العراق باتت اكبر من ان يسكت عنها الذين يتولون سدة المسؤلية الآن، لأنها بدأت تتحول الى صراخ يقض المضاجع.
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة