من أجل صناعة امرأة كاتبة الآن ؟!

غرفة «فرجينيا وولف» دراسة في كتابة النساء
عبد الغفار العطوي

فرجينيا وولف كاتبة وروائية وناقدة انجليزية، وواحدة من مؤسسي دائرة البلوميري، وهي مجموعة من مثقفي لندن الطليعيين، تناولت واعتنقت قضايا المرأة في (حجرة خاصة)، بعد سبعين سنة من نشر كتاب فرجينيا وولف (غرفة خاصة بالمرء وحده)عام 1929ما زلنا نجادل الاسئلة التي طرحها هذا النص الكلاسيكي الخطير والمثير للجدل قدمت للكتاب الناقدة البريطانية ميشيل باريت التي كتبت مقدمة عامة لها و لسواها من كتابات وولف النقدية، وانطلقت من الجدل بأن كثيراً من الناقدات النسويات يعتبرن التحول من نماذج المساواة الى نماذج الاختلاف في النسوية الذي ميز العقد الاخير من النسوية الغربية تحولا في هذا الاتجاه و تناولت وولف في كتاباتها موضوعات مثل الظروف الفنية والاجتماعية و التاريخية التي تحدد كتابة المرأة و العوامل التي تؤثر على استمرارية هذه الكتابة او عدمها، و لماذا اقنع البعض المرأة إنها لا تستطيع التعبير عن نفسها إبداعاً، إلا من خلال الكتابة الروائية الخ و تؤكد وولف اختلاف كتابة المرأة عن كتابة الرجل باختلاف قيمهما، فما يبدو للرجل قليل الاهمية تعده المرأة جاداً، في حين تنظرالى ما يعتقده الرجل مهماً تافها، من هنا بدأت المرأة إحساسها بالقيم ، اصبحت المرأة الكاتبة اقل اهتماما بنفسها، واصبحت اكثر اهتماما بالأخريات وكانت فرجينيا وولف قد كتبت ( الغرفة الخاصة ) عن حرية المرأة المفقودة في عصرها قائلة ان ادب النساء لا يمكن عزله عن الحقائق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة به و بصاحبته، ويمكن اعتبار (غرفة فرجينيا وولف ) سابقة نقدية و ادبية في مسار النقد النسوي:
1-المرأة الكاتبة الان كم تحتاج لفهم ان ثمة فروقاً في المصطلحات التي ادخلتها النسوية، ان تحديد الجهاز المصطلحي وتحديد ابعاده المفاهيمية وكذا الفروق و نقاط التماس بين المصطلحات يطرح علينا سؤالا اشكاليا ملحاً مفاده هل كل ما تكتبه المرأة نسوي؟ لذا علينا ان نميز اولا بين مفهوم كتابة النساء ومفهوم الكتابة النسائية لأننا نلحظ الارتباك و التعثر في ثقافتنا العربية، و في الخطاب النقدي العربي نجد قصوراً واضحاً في التنظير لظاهرة كتابة النساء من منطلقات معرفية مما يترك المجال للتكهنات والتطبيقات السيئة التي تقع بها المرأة الكاتبة من حيث انها تمارس التقليد وهو شعور عاصف يمسك بالكاتبة ان شعور المرأة في مرحلة مبكرة من الوعي بسطوة الثقافة الذكورية السائدة يضطرها الى استخدام اساليب هذه الثقافة و محاكاة نتاجاتها في مواجهة هيمنتها، و يتسبب ذلك في وقوعها في إشكالية مصطلحية و ثقافية ، فتوخي الدقة في التمييز بين اصناف الكتابة التي قاسمها المشترك المرأة ضروري و ملزم للمرأة الكاتبة
2- قدمت الناقدة الانجليزية ماري ايجلتون في كتابها ( نظرية الادب النسوي ) تعريفاً بفرجينيا وولف : دعوني اتخيل ،بما ان الحقائق من الصعب للغاية ان نحصل عليها ، ما الذي كان سيحدث لو كان لشكسبير اخت موهوبة بشكل عجيب، لنقل انها تدعى جوديت، وهو خلاصة لما يمكن ان يسمى غياب الكاتبة ، ففي ختام ( الغرفة )تكتب وولف قائلة ( لقد اخبرتكن ان لشكسبير شقيقة و قد ماتت شابة، و مما يثير الاسى انها لم تكتب كلمة واحدة) و هذا يعني ان غياب الكاتبة لا يعني موتها بل تبقى حية لكنها تتحول ، فجوديت خلدت بخلود شكسبير، و ان كل كاتبة تظل ابداً و إن انشغلت بأمور جانبية ، و من المفيد ان خوف المرأة الكاتبة عندنا يجعلها تبتعد عن الكتابة لكن فردينيا وولف تدعوها الى نبذ الخوف، و الخوض في غمار تجارب ادبية بعد ان تقرأ كتاب ( الغرفة الخاصة ) و للكلام بقية سنرى الاثر البالغ لهذا النص الكلاسيكي على الحركات النسوية العالمية وما يمكن الاستفادة منه الكاتبة عندنا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة