سلام مكي
كاتب عراقي
الدستور واضح في مسألة اجراء الانتخابات البرلمانية، حيث انه نص على ان عمر مجلس النواب هو 4 سنوات تقويمية، واي مدة تتجاوز الأربع سنوات، ستجعل من الحكومة غير دستورية وقراراتها غير شرعية، وسيدخل البلد في فراغ دستوري، إضافة الى مخالفة الدستور والقوانين. رئيس الوزراء صرح مؤخرا بأن موعد اجراء الانتخابات هو 12 آيار 2018 التزاما بالموعد الدستوري. وان تحديد هذا الموعد، وان كان التزاما من الحكومة بالدستور، الا انه لا يكفي تحديد موعد فقط، وانما يجب ان يتم توفير وتهيئة الأرضية المناسبة لضمان نجاح الانتخابات، خصوصا وان هنالك تحديات كبيرة تواجه الحكومة في سبيل انجاحها. اهم تلك التحديات هو الانقسام السياسي حول موعد اجرائها وعدم وجود موقف موحد من الكتل السياسية، بين رافض لقرار مجلس الوزراء وموافق له، وكل طرف لديه مبررات لتأجيلها وبعض الأطراف تضع شروطا لغرض اجراء الانتخابات أصلا، من دون مراعاة للدستور. ممثلو المناطق المحررة من داعش، يرفضون اجراء الانتخابات في موعدها، ويرفضون تحديد أي موعد لها الا بعد عودة النازحين واعمار مناطقهم المتضررة من الحرب على الإرهاب. وهذه تبدو شروطا تعجيزية، في ظل الواقع الذي تعيشه تلك المناطق مع القدرة المالية للدولة، حيث ان الموازنة في طريقها الى الإقرار، وان أي تخصيص مالي إضافي للمناطق المحررة او غيرها يحمل الموازنة مبالغ إضافية قد لا تستطيع الحكومة توفيرها، وحتى لو تم توفير تلك المبالغ، فإن الصراعات السياسية التي تشهدها تلك المناطق وتبادل الاتهامات بين الأحزاب التي لها نفوذ ومناصب في وسائل الاعلام، تعطي صورة واضحة حول مصير اية مبالغ تخصص للمدن المحررة. لذلك، من الصعوبة المباشرة بالإعمار حتى لو توفرت المبالغ المالية كون ان الفساد مستشر وان هنالك ترقبا لأية مبالغ ترصد لتلك المناطق بغية الاستيلاء عليها. فالموافقة على هذين الشرطين، يعني عدم اجراء الانتخابات في المستقبل القريب. الفئة الأخرى مع اجراء الانتخابات في موعدها، على اعتبار ان الدستور واجب الاحترام ولا يمكن لأي جهة ان تتجاوزه. المفوضية من جانبها طلبت من الحكومة توفير سلفة مالية لها لغرض اجراء الترتيبات المطلوبة لإجراء الانتخابات على اعتبار ان الموازنة لم تقر بعد. بالمقابل، على الحكومة ان تعالج مسألة النازحين، وتحدد الآليات التي من شأنها ضمان مشاركتهم في الانتخابات، بصورة تضمن لهم انتخاب ما يرونه مناسبا، بعيدا عن الترغيب والترهيب والتأثير في اختيارهم من قبل الجهات والأحزاب التي لها نفوذ في مناطق تواجدهم في إقليم كردستان. كما يفترض بالحكومة والمنظمات المعنية بهم، ان تزور النازحين لبيان رأيهم، فيما إذا رأيهم يشابه رأي السياسيين الذين صرحوا بعدم القبول بإجراء الانتخابات الا بعد رجوعهم الى مناطقهم وإعادة اعمارها. جانب آخر يرى صعوبة اجراء الانتخابات في ظل عدم إقرار قانون جديد للانتخابات، على اعتبار ان هنالك رغبة لدى بعض الكتل لتغيير بعض بنود وفقرات القانون الحالي، ليتلاءم مع الوضع الجديد، لكن عدم إقرار القانون، يعني بالنهاية اجراء انتخابات وفقا للقانون النافذ، وهو أمر لا تقبل به كتل سياسية وجهات حزبية. الانتخابات، ضرورة لابد منها، وأمر اجرائها في موعدها يعتمد بشكل رئيس على ما تبذله الحكومة من جهود لغرض توفير متطلبات اجرائها، وليس الاقتصار على تحديد موعدها او تسليف المفوضية مبالغ مالية لغرض اقامتها. النقاط التي أثيرت من قبل المطالبين بتأجيلها لابد من ان تضع الحكومة حلولا لها، كي تطمئن أهالي المناطق المحررة وتبعث لهم رسائل اطمئنان، ان حقهم في الترشيح والانتخاب مضمون ويمكنهم ممارسة ذلك الحق بحرية مثلهم مثل بقية العراقيين في المناطق الأخرى. نستطيع القول ان بقاء الأوضاع على حالها من دون إيلاء الحكومة اهتماما اكبر لقضية اجراء الانتخابات في موعدها، حيث انها تمثل التحدي الأكبر لها في العام الجديد.
هل ستجرى الانتخابات في موعدها؟
التعليقات مغلقة