راخوي يرفض لقاء رئيس كاتالونيا المعزول

مدريد تتمسّك بموقفها «المتشدد» من الانفصاليين
بروكسل ـ وكالات:

تمسّكت مدريد بموقفها «المتشدد» من انفصاليي إقليم كاتالونيا الذين كسبوا معركة تثبيت غالبيتهم البرلمانية في انتخابات أقيمت الخميس الماضي ونتجت من حل الحكومة الإسبانية برلمان الإقليم في 27 تشرين الأول إثر إعلانه استقلالاً أحادياً، ورفض رئيس الوزراء ماريانو راخوي عرض رئيس كاتالونيا المعزول كارليس بيغديمونت، عقد لقاء بينهما في بروكسيل، حيث يقيم الزعيم المعزول منذ هروبه من برشلونة، أو في أي مكان آخر داخل الاتحاد الأوروبي».
ورد راخوي قائلاً إنّه «يجب أن أجلس مع من فاز في الانتخابات، أي السيدة إيناس أريماداس» رئيسة لائحة حزب «سيودادانوس» الذي كسب أكبر عدد من الأصوات (1.1 مليون).
ويعتبر «سيودادانوس» الليبرالي، الذي تأسس قبل 10 سنوات للتصدي للنزعة القومية في كاتالونيا، أكثر حزماً في معارضته استقلال الإقليم، ما يحد من هامش مناورة «الاستقلاليين»، ونبّه راخوي إلى أن الحكومة الكاتالونية المقبلة التي يفترض أن تُشكل قبل نهاية آذار 2018، «ستخضع لحكم القانون اياً تكن تشكيلتها»، في تلميح إلى أنه لن يتردد في تكرار استخدام المادة 155 من الدستور لحل برلمان الإقليم، في حين كان بيغديمونت لمّح خلال الحملة الانتخابية إلى أنه سيُعيد في حال الفوز الحكومةَ التي أقالتها مدريد، لكن يتعذر عليه ممارسة مهماته كنائب ورئيس من داخل زنزانة في بروكسيل. كما أنه مهدد بالتوقيف إذا عاد إلى إسبانيا بعد اتهامه بالتمرد والعصيان».
واعتبر المحلل لدى «تينيو إنتليجنس» أنطونيو باروزو، أن «تنصيب رئيس حكومة جديد قد يكون عملية طويلة تتسم بالفوضى”. وأشار إلى أن احتمال تنظيم انتخابات جديدة «ما زال مرتفعاً».
ولا تملك أريماداس حلفاء لتشكيل ائتلاف حكومي، بعدما حصل الاشتراكيون المعارضون للاستقلال مثلها على 17 مقعداً، والحزب الشعبي على 3 مقاعد في مقابل 11 في انتخابات 2015.
وتتزايد الانقسامات الداخلية بين الانفصاليين، فيما يتوقع خبراء أن مفاوضات شائكة ستفرض نفسها على الفائزين بانتخابات الخميس، كما أن نقل أكثر من 3000 شركة مقارها إلى مناطق أخرى وتراجع السياحة والاستثمارات، يهددان بانكماش اقتصادي نتيجة استمرار الفوضى السياسية التي ما زالت كاتالونيا غارقة فيها.

*كيف جاءت النتائج؟
وأظهر فرز إجمالي الأصوات تقريبا اقتراب أحزاب معا من أجل كتالونيا، اليسار الجمهوري في كتالونيا، والوحدة الوطنية من الفوز بحوالي 70 مقعدا في البرلمان الجديد.
وحصل حزب المواطنين، المعارض للانفصال، منفردا على25.3 في المئة من الأصوات، ما يمنحه 37 مقعدا برلمانيا من إجمالي 135 مقعدا برلمانيا.
وقالت إنيس أيريميداس، زعيم الحزب، لبي بي سي إن حزبها «انتصر»، لكن تشكيل الحكومة سوف ينطوي على قدر من الصعوبة، مؤكدة أن حزبها سوف «يحاول» التعامل مع هذا الموقف.
وفاز حزب الشعب بثلاثة مقاعد، ما يشير إلى فقده 11 مقعدا مقارنة بعدد أعضائه في البرلماني السابق.
وارتفع الإقبال على صناديق الاقتراع في كتالونيا إلى حوالي 80 في المئة، ما يعكس إقبالا غير مسبوق في تاريخ الانتخابات البرلمانية في كتالونيا.

*لماذا أُجريت الانتخابات؟
أعلن المشرعون الانفصاليون في البرلمان الكتالوني السابق استقلال الإقليم عن التاج الإسباني في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي استنادا إلى نتيجة الاستفتاء العام الذي أُجري في الأول من نفس الشهر، والذي اعتبرته الحكومة المركزية في مدريد غير دستوري.
وفي محاولة لوقف الاستفتاء العام على الاستقلال في كتالونيا، شنت قوات الشرطة المركزية هجمات على بعض عدد من مراكز الاقتراع، لكن الناخبون في كتالونيا تحدوا المحاكم والشرطة الإسبانية وأستكملوا التصويت في إطار الاستفتاء. وأسفر التحدي عن وقوع اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والناخبين أدت إلى إصابة المئات.
وقالت المفوضية التي أشرفت على الاستفتاء إن نسبة التصويت لصالح الاستقلال بلغت 90 في المئة، لكن نسبة المشاركة في العملية الانتخابية لم تتجاوز 50 في المئة من الناخبين ممن لهم حق التصويت في الانتخابات في إقليم كتالونيا.
رغم ذلك، رأى كارلس بوجديمون، الرئيس الكتالوني المعزول، في ذلك الوقت أن هذه النسبة كافية للاستناد إلى نتائج الاستفتاء في إعلان استقلال كتالونيا، ما أدى إلى عزله بقرار من ماريانو راخوي، رئيس الوزراء الإسباني، وفرض الحكم المباشر على الإقليم، والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة تجرى في 21 ديسمبر/ كانون الأول.
ووجهت النيابة العامة الإسبانية اتهامات لحوالي 13 من السياسيين الانفصاليين في كتالونيا بالتمرد، والعصيان، على رأسهم الرئيس المعزول بوجديمون. وكان من بين المتهمين اثنين من القياديين الساسيين الانفصاليين أودعوا السجون الإسبانية بينما حضع ستة آخرون للمراقبة الأمنية بعد إطلق سراحهم بكفالة مالية.

*ردود أفعال
قالت المفوضية الأوروبية إن موقفها من إقليم كتالونيا لم يتغير رغم نتيجة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في المنطقة الخميس الماضي. ووصف الجهاز التنفيذي للمفوضية التطورات في المشهد السياسي الكتالوني بأنها «قضايا داخلية تخص إسبانيا».
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية ألكسندر فيترشتاين إن «موقفنا من مسألة كتالونيا واضح للجميع، وشددنا عليه أكثر من مرة، ولن يتغير.»
وأضاف أنه «على صعيد الانتخابات المحلية في كتالونيا، ليس لدينا أي تعليق على النتائج»، وذلك تزامنا مع صمت من الحكومة المركزية في مدريد، إذ لم تصدر أية تصريحات رسمية بشأن نتائج الاقتراع في الإقليم.

*ماذا بعد؟
يرى محللون أن نجاح الأحزاب الانفصالية في الفوز بأغلبية البرلمان يعيد الكرة إلى ملعب إسبانيا. وقال أنطونيو باروسو، من المركز البحثي التابع لمؤسسة تينيو إنتيلليجنس في لندن، إن «مشكلة مدريد لا زالت قائمة لأن الحركة الانفصالية لم تختف بعد.»
وقال مراسلون إنه لم يتضح بعد ما إذا كان رئيس الإقليم المعزول سوف يعاد إلى منصبه مرة أخرى، أو أنه سوف يعود من بلجيكا، مع العلم بأنه معرض للاعتقال حال عودته إلى إسبانيا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة