العوائق التي تقف حائلاً امام تشكيل حكومة إنقاذ في إقليم كردستان

هستيار قادر

ظهرت بعد استفتاء الخامس والعشرين من ايلول (سبتمبر) الماضي موجة قوية تطالب بحل حكومة الإقليم الحالية حيث تعتبرها السبب الرئيس لازمة الإقليم بعد الاستفتاء والمشكلات السابقة، فيما لم تتحمس السلطات في المقابل لهذا الطلب ووقفت ضده.
ويرى مؤيدو حل الحكومة أن الحكومة الحالية ليست في مستوى الأزمات الاقتصادية والسياسية فيما يعتبر معارضو هذا الطلب المدة المتاحة أمام تشكيل حكومة أخرى قليلة ويؤيدون تغييرات نسبية في التشكيلة الوزارية.
وقد لا يكون بإمكان حكومة جديدة في هذه المرحلة أن تطفئ نار الأزمات التي يعاني منها إقليم كردستان باعتبار ان تلك الخطوة ستحدث فراغا قانونيا قبل الانتخابات الجديدة من جهة وقد لا تكون أية شخصية سياسية مستعدة لترث حكومة غارقة في الديون المحلية والخارجية من جهة أخرى.
حركة التغيير أعلنت في الثالث والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) حزمة من المطالب سلمتها إلى حكومة إقليم كردستان كان من أبرز نقاطها تشكيل حكومة مؤقتة بدل الحكومة الحالية حتى الانتخابات المقبلة.
وقبل شهر من ذلك كانت الحركة نفسها قد طالبت مع الجماعة الإسلامية في كردستان وقائمة التحالف من اجل الديمقراطية والعدالة برئاسة الدكتور برهم صالح النائب السابق للامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني طالبت بتشكيل حكومة إنقاذ وطني.
دانا عبدالكريم عضو غرفة متابعة شؤون الحكومة والبرلمان لحركة التغيير قال لـ»نقاش»: حول الامر «في اجتماعنا الاخير مع وفد الحكومة قالوا لنا إنهم يفضلون بقاء الحكومة الحالية ولكنهم لا يرفضون فكرة الحكومة المؤقتة وسيردون علينا بعد بحثها».
وأضاف عبد الكريم: «نشعر أن الحزب الديمقراطي يماطل ونحن بدورنا سنستمر في المطالبة بفكرة تشكيل الحكومة المؤقتة وبعد ذلك سنبدأ حملة إعلامية ضد الحكومة».
الحزب الديمقراطي يحتفظ بمنصب الرئيس والاتحاد الوطني بمنصب نائب الرئيس في حكومة اقليم كردستان الحالية كما بسط الجانبان نفوذهما على معظم الوزارات فيما يبدو انهما لا يريدان الخضوع لتشكيل حكومة جديدة بسهولة.
وقال نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان في مؤتمر صحفي عقده في العشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) ان «الحكومة الحالية هي مؤقتة وان تشكيل حكومة جديدة سيأخذ وقتا طويلا».
برلمان كردستان سبق ومدد عمله في الرابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) لمدة ثمانية اشهر وبالتالي سيمتد عمر التشكيلة الوزارية الحالية للمدة نفسها والتي بقي من عمرها حوالي ستة اشهر.
وجاء تمديد عمر البرلمان والحكومة في وقت تم استبعاد أربعة وزراء من مجموع وزراء التشكيلة الحالية العشرين وهم الوزراء التابعون لحركة التغيير فيما استقال اثنان آخران عن الاتحاد الاسلامي والمسيحيين.
عبد الستار مجيد وزير الزراعة والموارد المائية عن الجماعة الاسلامية انه قام بتحريك موضوع تشكيل الحكومة المؤقتة خلال اجتماع مجلس الوزراء.
وقال مجيد لـ»نقاش»: «لم ترفض الفكرة، ولكن المجلس قرر اتخاذ القرار حول الامر بعد مناقشته مع الأطراف السياسية».
فيما ترأس نيجيرفان بارزاني خلال الأسابيع الثلاثة الماضية فريقا من حكومته للتباحث مع الأطراف السياسية وكان موضوع تشكيل الحكومة المؤقتة احد الخيارات المطروحة.
مصدر في الحكومة فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع قال لـ»نقاش»: ان «نجيرفان بارزاني يؤيد البت في موضوع الحكومة المؤقتة خلال اجتماع خماسي».
وليس من السهل رمي الكرة الى ملعب الاجتماع الخماسي الذي سيضم الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي وحركة التغيير والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي في ما يخص مشكلة كبيرة كمصير الحكومة.
كما ان مشكلات إقليم كردستان السابقة لم تحل في مثل هذه الاجتماعات سابقا خصوصا وانه تم عقد تسعة اجتماعات خماسية مثلها حول موضوع رئاسة الإقليم في عام 2015 وعلى الرغم من عدم توصلها الى اتفاق فانها عقدت الازمة أكثر.
وشهدت حكومة اقليم كردستان منذ تأسيسها عام 1992 ثمانية تشكيلات ولكن لم تحل أيا منها مع ان الإقليم مرَ خلال 24 عاما الماضية من عمره بأزمات شديدة كانت أبرزها الحرب الأهلية والأزمة السياسية والاقتصادية في الأعوام القليلة الماضية بسبب اشتداد خلافاته مع الحكومة المركزية.
ولم تجر الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان على مدى 12 عاما على الرغم من ارتباط التشكيلة الحكومية بدورة برلمانية مدتها أربع سنوات.
عندما اندلعت الحرب الأهلية عام 1994 قسمت الإقليم إلى منطقتين إداريتين، ولم تحل الحكومة في أربيل بل بقي الحزب الديمقراطي مسيطرا عليها فيما شكل الاتحاد الوطني حكومة أخرى في الحدود الإدارية للسليمانية.
ولم تتغير حتى الآن وبعد الأزمة التي نشبت بسبب إجراء الاستفتاء لم تتغير رؤية الطرفين السياسيين الرئيسيين في الإقليم حول حل الحكومة كثيرا.
وقال دلير ماواتي رئيس كتلة الاتحاد الوطني في برلمان كردستان لـ»نقاش»: «نحن لا نؤيد حل الحكومة بل من الأفضل إجراء تغييرات في الوزراء وتغيير بعض الوجوه».
وبين اتخاذ قرار لتشكيل حكومة مؤقتة واستمرار حكومة اقليم كردستان الحالية تبقى الهوة بين الأطراف كما هي فيما يبدو ان ثقافة حل الحكومة في اقليم كردستان لم تنضج بعد وقد بات الأمر خطاً احمر بالنسبة للأطراف التي تحكم منذ 25 عاماً.
حركة التغيير سبق وطالبت عندما كانت في المعارضة عام 2011 في بيان بحل الحكومة والبرلمان ورئاسة اقليم كردستان وقد وصف الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي اللذين كان لهما حصة الأسد في السلطة آنذاك الطلب بـ»الانقلاب»، وبعد ستة اعوام من ذلك لا يزال طلب حل الحكومة من قبل حركة التغيير تأخذ بحساسية.
وعقب الاجتماع الاخير لوفد الحكومة والحزب الديمقراطي الذي عقد في اربيل في الثامن والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) قال محمود محمد المتحدث باسم الحزب الديمقراطي في مؤتمر صحافي: «نحن لسنا مع حل الحكومة لأن ذلك سيؤدي الى مشكلات».
تتعلق ملاحظات الحزب الديمقراطي حول طلب حل الحكومة بالوقت كما يقول علي حسين مسؤول العلاقات الكردستانية في الحزب واضاف: «الطلب غير واقعي وغير منطقي، فليس من السهل حل الحكومة واعادة تشكيلها ولاسيما وان عمر الحكومة لم يبق له سوى اشهر قليلة».
وقال علي حسين لـ»نقاش» ان «مثل هذه المطالب هي مراهنة على صوت الشارع للانتخابات»، لكن ومن جهة اخرى يبدو ان حل الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية ليس امرا سهلا حتى بالنسبة للذين يطالبون به، وستقع اية شخصية سياسية تريد ان ترث الحكومة الحالية في ازمة مليارات الدولارات من ديون الموظفين والشركات النفطية.
ويتفق رئيس كتلة الاتحاد الوطني في برلمان كردستان مع وجود هذا الخطر ويقول: «لا احد يريد ان يتسلم حكومة عليها كل هذه الديون».
فضلا عن أن حل الحكومة الحالية من دون اتفاق مسبق ربما سيأتي بجولات عديدة من المفاوضات بين الأطراف للاتفاق حول برنامج الحكومة وتشكيلتها وشخصياتها وحصة الأطراف فيها.
ويرى د. احمد ورتي النائب السابق في برلمان كردستان والخبير القانوني أن حل الحكومة وتشكيل حكومة جديدة دون اتفاق مسبق سيخلق فراغا قانونيا باعتبار انه تم نقل عدد من صلاحيات رئاسة الإقليم إليها بعد إلغائها في التاسع والعشرين من تشرين الأول (اكتوبر) بقرار من برلمان كردستان بالاضافة الى صلاحياتها.

*عن موقع نقاش.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة