علي السباعي
– . . . .
دموعُها شاهدٌ حيٌ وهي توصيني على تدوينِ عذاباتِ الناس الذين َ يمشون َ بجانب ِ الحائط ِ في بلد ٍ طيب ٍ ؛ وهم يحرثون أرض َ خيباتِه بمرارات ِ الواقع ِ وهباءاتِه … وكان العراقيون المصلّبين َ في جذوع ِ نخله ِ المنقعر يسقونَها بدماءِ جراحاتِهم ، كانتْ دموعُهم النازفة ُ برقيّاتٍ من جحيمه ِ … زامنتْ بكاءَ الأرملة ِ المتّشحة ِ برماد ِ الفجيعة ِ تبكي يومها الدامي في بلاد ِ وادي الرافدين ، سَألتُها مذهولا ً :
– كيف تبكين َ ؟ !
أجابتْ بشفتين ِ راجفتين ِ شاحبتين ، ودموعُها منهمرة ٌ من عينيها السومريتين ِ الرافضتين ِ لعراق ِ القهر ِ :
– العين لا تبكي إلاّ إذا بكى القلب ُ ، والقلب ُ لا يبكي إلاّ إذا أشتـدَّ وقع ُ الهم ِّ عليهِ ، كم كانَ همِّيْ ثقيلاً يطبقُ على قلبي .
علّقتُ مهموما ً :
– ليسَ مِن َ السهلِ نسيان ُ كل ِّ ما مرَّ بنا من أحزانٍ .
شاطَرتني حزني َ قائلة ً :
– أقتـنص هذه ِ اللحظات ِ ؟ !!
بُحتُ لها وأنا أُمْـسِكُ رماد َ فجائِـعَـنا :
– ليتك ِ تدركين َ كم هو ثقيلٌ هم ُّ الوطن ِ ؟
قالتْ بلحظة ِ بوح ٍ باذخة ِ الدهشة ِ :
– دوّنْ . . . دموع َ الناس ِ بوصفِها الخيط الرفيع الذي يربط ُ بين َ الحياة ِ والحلم ِ .
استفهمتُ :
– لِمَ ؟ !
قالتْ ناصحة ً :
– لأنّكَ متى تأخّرتَ عن الإمساكِ بتلكَ اللحظاتِ المدهشةِ من محنتِنا … ستفقدُها إلى الأبد ِ .
– . . .
– لِتكُنْ كتابتُكَ في هذا الوقت ِ عن عذاباتِنا أجملُ انتقامٍ من هذا العالم ِ القبيح ِ الذي نعيشه ُ