أبدت قلقها من تعديلات قانون الأحوال الشخصية
بغداد ـ الصباح الجديد:
حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع ( براميلا باتن ) والممثلة الخاصة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح العراقَ (غامبا ) على إعادة النظر في مشروع التعديلات على قانون الأحوال الشخصية التي تُغيّر الأحكام القانونية المُنظِمة للزواج بشكلٍ جذريّ ، ومما يبعثُ على القلق أن التعديلات المقترحة هذه لا تتطرق إلى تحديد الحد الأدنى لسن الزواج ولا تنطبق على جميع مكونات المجتمع العراقي.
وقالت الممثلة الخاصة باتن ان وزير خارجية العراق الدكتور ابراهيم الجعفري وقع في 23 أيلول 2016 مع الأمم المتحدة بياناً مشتركاً يُلزم رسمياً بمنع العنف الجنسي المتصل بالنزاعات والتصدي له في أعقاب جرائم العنف الجنسي لداعش التي هزّت ضمير العالم وإحدى الركائز الرئيسة للبيان المشترك هي “دعم الإصلاحات التشريعية والسياسية لتعزيز الحماية من جرائم العنف الجنسي والاستجابة لها.”
واوضحت ان مكتبُنا تلقى مِراراً تأكيداتِ من رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري بأن تحقيقَ كُلٍ من ركائز البيان المشترك أمرٌ ضروريٌ لإعادة بناء العراق بعد داعش ” ، مشيرة الى أن “الفِتيان والفتيات في العراق الذين هُم أصلاً ضحايا لانتهاكاتٍ جسيمةٍ ناجمةٍ عن سنواتٍ من النزاع، يتعرضون الآن لخطر الحرمان من طفولتهم. ويتعيّن على حكومة العراق أن تتخذ جميع الإجراءات المطلوبة لحماية كلّ طفلٍ من خلال منع اعتماد سياساتٍ يمكن أن تضرّ بالأطفال المعرضين أصلاً للنزاع المسلح.”
وأضافت باتن “أن موافقة مجلس النواب العراقي من حيث المبدأ على مشروع قانونٍ لا يُحدّدُ بشكلٍ صريحٍ الحدَّ الأدنى لسنّ الزواج بثمانية عشر عاماً لكُلٍ من النساء والرجال تمثّل تراجعاً كبيراً عن تلك الالتزامات. كما أن من شأن ذلك أن يزيد الانقسامات في الوقت الذي يتعافى فيه العراق من آثار النزاع ضد داعش، وكذلك العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات.” وأشارت كذلك إلى أن هذه التعديلاتِ القانونيةِ المقترحةِ يُمكن أن تُؤدّي إلى انتهاكاتٍ محتملةٍ لالتزامات العراق المُلزِمة قانوناً بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فضلاً عن اتفاقية حقوق الطفل.
واختتمت الممثلتان الخاصتان باتن وغامبا بتشديد “الحثّ لحكومة العراق على إعادة النظر في هذه التعديلات المقترحة لقانون الأحوال الشخصية“، واكدتا من جديدٍ التزامهما “بالوقوف مع حكومة وشعب العراق لضمان القضاء على آفة العنف الجنسي وحماية الأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح.”
وكانت الأمم المتحدة قد حثت العراق على إعادة النظر في مشروع تعديلات قانون الأحوال الشخصية الذي من شأنه السماح لزواج القاصرات ، اذ انتقدت وزارة الخارجية الاميركية بشدة في وقت سابق موافقة مجلس النواب العراقي من حيث المبدأ على مشروع قانون يسمح بزواج فتيات لا تتجاوز اعمارهن تسع سنوات.
ويقول منتقدون إن القانون الذي يسعى العراق لإقراره سيجعل سلطة المحاكم الدينية اقوى بكثير من المحاكم القضائية فيما يتصل بملف الاحوال الشخصية ، وقالت المتحدث باسم الخارجية الاميركية هيذر نويرت على هامش مؤتمر صحفي عقدته في واشنطن إن الولايات المتحدة تعارض على نحو قاطع “فكرة تزويج الاطفال غير البالغين”.
وشبهت نويرت المشروع العراقي المقترح بأنه لا يختلف عما كان يمارسه تنظيم داعش وقالت إن واشنطن لطالما ادانت فظاعة ممارسات داعش في جعل الاطفال كعرائس ، وتابعت “ما زلنا نعارض بشدة فكرة زواج البالغين من الأطفال”.
ويعود قانون الأحوال الشخصية الحالي في العراق إلى عام 1959 واُعتبر في حينها من اكثر القوانين تقدما في بلدان منطقة الشرق الاوسط ، وأعطى قانون الأحوال الشخصية في ذلك الوقت سلطة للمحاكم القضائية على حساب المحاكم الدينية في اعقاب سقوط النظام الملكي في خمسينيات القرن الماضي ، وحدد القانون سن 18 عاما كحد ادنى للزواج مع تقييد ملزم بتعدد الزواج ومنع الزواج القسري. وظل القانون ساريا لسنوات طيلة.
ومع قرب الانتخابات التشريعية في العراق في ايار مايو المقبل يحاول المشرعون العراقيون التصويت على القانون بشكل قاطع سعيا للحصول على مكاسب انتخابية كما يبدو.