جاسم العبيدي
إنني اسمع صوت المغني
عندما يستكين إلى نفسه
تسائله الناس عن شوقه للبلاد
بلادي التي ضعت فيها
– لم جئت تطرد
من غير اسم إلى المقصلة
– هل تراه يرد الجواب؟
وتسكن أوجاعه القاتلة
– سيدي : كم تكرر هذا السؤال
وانتم تعدون أنفاسنا في القتال
وبين الدروب
وعند المحطات
وفي عتبات الخيام
وحين نصلي وحين ننام
ولي امرأة عند بيارة العشق تنتظر القافلة
– أأنت الغريب الذي ملأوا رأسه بالأناشيد والأخيلة
ظل درب المسير
وراح يرد على الأسئلة
– وأنت التي تتبعين قفاه
– أكنت مع الراحلين
– أأنت التي قد اباحوا دماها هوى
بلا هدف تركضين وراء الضباب
ولدي
ولدي كنت اناغيه
( دللول يالولد يبني دللول
يمه عدوك عليل وساكن الجول)
ولدي مزقته الرياح
مزقته القذائف
تصرخ
” يجيب الصدى ”
( يمه انه يحكلي لاصير دلي
والله لاطلك الدنيا واولي
يمه على مصيبتي من دون خلي)
– عراقية
خرجت من سواد القذائف
تسير على قدمين متعبتين
لها وطن ضيعته الحروب
– والى أين أنت يا امرأة راحلة ؟
– تظنين أن غريباً سيأوي غريب
هههههههههه
ضحكت
ثم راحت تحدق في وجهه قائلة
وتكتم في القلب
– ما اجهله
(يمه أهلنه حمولة اشغرة منهم تره جيت أسال غراب البين عنهم)
وراحت تعدد للجند أعباءها
وتمسح عن وجه أبنائها الأتربة
وشظايا حرائقها والرماد
هاهي الآن ترنو بعينين ذابلتين
تعدد أسماءنا في الملاجئ
تجلس في جوفنا متعبة
تقول لنا
– اسكتوا إنها الحرب
– * ايتها الحرب هل تهدئين
حين يختصر الحزن أعمارنا *
وها نحن نشهق
تشهق أوجاعنا في المحطات
مابين من يحتسي خوفنا
ويحصد في الموت أنفاسنا
– حلمي قاتم ما أرى
إنني اسمع صوت المغني
يلوك على الشرفات بأحلامنا
حين يملأ أنفاسنا الياسمين
تلوذ الحواري بنا
آه …يازمنا ضيعت فيه أعمارنا
– أين نمضي
وما من بلاد ترد السلام لأجيالنا
•
أيها الجند لا توقفونا على الحد
لا تنبشوا خوفنا
وها نحن شردنا الخوف والجوع
لم يبق في جوفنا وطن كي نبوح له
أتعبتنا المسافات وهي تنحت أجزاءنا
في العراء تركنا جثثا للصغار
أكلتها الصواريخ
في جوفنا غصة من أمانينا القاحلة
وحين هربنا
لم نعد نعرف الخوف غير ارتباكاتنا
غير أجسادنا جثثا
تملا الأرض عارية
وغير دم من جراحاتنا الموغلة
•
في المحطات
يعرفنا العابرون
كانت بلادي على كل وجه تلوح
بأناملها يرقص الغادرون
وصلة للسهارى
وصلة للسكارى
وهم يطعموننا القمامة
•
من رأى وطنا
بجناحين مقطوعين
من رأى امرأة لاتجيد الجواب على الأسئلة
ولا تحبذ ان تحفظ الأمثلة
من رأى رجلا ذبحوه على أرضه واستباحوا دمه
من رأى طفلة من بلادي تسير على وجع الأزمنة
ها هنا الكل يمضي عرايا
نلف الدروب
نبحث عن وطن مزقته الصراعات
من رآنا نلف الشوارع
يفاجئنا الموت
أنى رحلنا
وتقتلنا الأسئلة
وعند الحدود
تروج أجسادنا في المزاد
وبين الإجابة والرد
يبيعوننا كالخراف
نبحث عن شاهد
ونقضي معا ليلنا صامتين
نفيض بأرواحنا كالمجانين
لا نعرف السائرين
– قفوا أيها الضائعون بلا وطن
في دروب التشرد
ان العروبة لم تبق فينا هوى نرتجيه
ونحن نجر بأسمالنا للخريف
فلا بردى يحضن اليوم أجسادنا
ولا للفرات نبث مراراتنا
(يمه تمنيت طارشهم يجيني
يمه وتسايله وتنام عيني
يمه وتسايله ويبطل ونيني )
انه الموت يجمعنا
وتجمع أشلاءنا الآخرة
وها انا اسمع صوت المغني
انه الموت يجمعنا
وتجمع أشلاءنا الآخرة