توقعات بخفض المعارضة سقف شروطها لإعطاء دفع للمحادثات
متابعة ـ الصباح الجديد:
انتقد الوفد الحكومي السوري في ختام المرحلة الأولى من جولة مفاوضات جنيف خطاب المعارضة «الاستفزازي» وطرحها شروطاً «غير واقعية» لجهة تنحي الرئيس بشار الأسد، من دون أن يحسم ما إذا كان سيعود الأسبوع المقبل لاستئناف المحادثات، فيما طرح المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا في الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف وثيقة غير رسمية تضم المبادئ الـ12 المعدّلة بشأن التسوية السورية.
ولا تذكر الوثيقة المعدلة إلا في حاشية قرار مجلس الأمن الدولي 2254 والذي ينص على الالتزام بسيادة سوريا ووحدة أراضيها ودعم الحوار السوري الشامل تحت الرعاية الأممية.
إلى ذلك، لا تضم الوثيقة المعدلة النقطة المتعلقة بالانتقال السياسي وصياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات حرة وشفافة تحت الرعاية الأممية أثناء الفترة الانتقالية.
ولا تتطرق الوثيقة المعدلة أيضا إلى مسألة المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، كما لا تنص على ضرورة سحب القوات الأجنبية من الأراضي السورية.
وصدر عن هذا الاجتماع بيان جدد التمسك بمطلب تنحي الأسد مع بدء مرحلة الانتقال السياسي، ما أثار امتعاض دمشق التي اعتبرت أن هذا الطرح يعيد النقاش الى المربع الأول.
ودخلت المحادثات الجارية ، على ما يبدو، في طريق مسدود، إذ أعلن رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري عن رفض دمشق خوض مفاوضات مباشرة مع المعارضة، متهما المبعوث الأممي بارتكاب أخطاء جسيمة أثناء المفاوضات.
وقال الجعفري «من يعود الى طرح شروط مسبقة غير واقعي، هذه لغة قديمة لم تعد تتناسب مع المعطيات الجديدة».
وتابع «بيان الرياض 2 مرفوض جملة وتفصيلاً ،وطالما هذا البيان الاستفزازي موجود يعني أنه لا يمكن أن ندخل في أي حوار مباشر».
ولطالما شكل مصير الأسد العقبة التي اصطدمت بها كافة جولات التفاوض السابقة، مع اصرار دمشق على أن المسألة غير مطروحة للنقاش.
وتوقعت مصادر دبلوماسية في جنيف أن تخفض المعارضة سقف شروطها لإعطاء دفع للمحادثات. لكن قياديين في وفد المعارضة ينفون تعرضهم لأي ضغوط بهذا الصدد.
وأكد دي ميستورا الخميس الماضي الذي كان يطمح الى عقد مفاوضات مباشرة أيدتها المعارضة، أن «مسألة الرئاسة لم تناقش» خلال اللقاءات الثنائية التي عقدها مع الوفدين منذ الثلاثاء الماضي.
وتشارك دمشق في جولة المحادثات الراهنة بعدما حققت القوات الحكومية في الأشهر الأخيرة بدعم من حلفائها وخصوصاً روسيا، سلسلة انتصارات ميدانية على حساب الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية في آن معاً.
وشدد الجعفري الجمعة على أن «هناك واقعاً سياسياً على الأرض، نحن طرف قوي وجيشنا ينتصر على الارهاب»، مطالباً المعارضة أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار، «وإلا نكون ندور في حلقة مفرغة».
وكان قيادي معارض قال لفرانس برس في وقت سابق «اذا كان النظام قادراً على الحسم والتوصل بمفرده الى تسوية سياسية، فلماذا يقبل المجيء الى جنيف للتفاوض معنا؟».
وبرغم دعوة دي ميستورا الوفدين للعودة الثلاثاء المقبل الى جنيف، إلا أن الوفد الرسمي لم يحسم موقفه بعد، معتبراً أن السلطات في دمشق ستقرر ذلك.
وقال الجعفري «بالنسبة لنا كوفد حكومي الجولة انتهت اليوم. أبلغناه رسمياً اننا سنغادر غداً وقبل هذا الكلام».
وقال المتحدث الرسمي باسمها يحيى العريضي للصحافيين، قبل اجتماع مجموعة منها برئاسة نائب رئيس الوفد جمال سليمان مع مساعد دي ميستورا رمزي عز الدين رمزي امس الاول الجمعة «سننخرط في هذه العملية السياسية باستمرار».
ونشر مكتب دي ميستورا امس الاول الجمعة ورقة من 12 بنداً، قال إنه طرحها على وفدي الحكومة والمعارضة الخميس، على أن تبقى «خاضعة للنقاش والتطوير والتعديل» من قبله «لتقوية القواسم المشتركة من خلال المفاوضات».
وطلب دي ميستورا من الوفدين تزويده بردودهما عليها، تزامناً مع الانخراط في مناقشة سلتي «المسار والجدول الزمني للعملية الدستورية والانتخابات في مشاورات الأسبوع المقبل.
وتتضمن الورقة مبادئ أساسية أبرزها «الاحترام والالتزام الكامل بسيادة سوريا»، وأن «يقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديموقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع» ،بالإضافة الى «بناء جيش قوي وموحد» و»حماية حقوق الانسان والحريات العامة لا سيما أوقات الأزمات».
ورغم سعي عواصم غربية لإعادة الزخم الى محادثات جنيف الهادفة الى تسوية النزاع، تبدو مهمة دي ميستورا صعبة وبالغة التعقيد. ولم تحقق الجولات السبع التي قادها منذ العام 2016 أي تقدم يذكر.
وتسبب النزاع السوري منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 340 ألف سوري وبدمار هائل في البنى التحتية، ما يجعل اعادة الاعمار من أبرز التحديات ما بعد الحرب.
وتقدر الأمم المتحدة حاجة سوريا الى 250 مليار دولار على الأقل لإعادة إعمارها.
وأعلن المبعوث الصيني الخاص الى سوريا شي شياويان امس الاول الجمعة في جنيف أن بلاده «مستعدة» للمشاركة في اعادة اعمار سوريا من دون شروط مسبقة، عندما يصبح الأمن «مضمونا».
وقال «الصين مستعدة للمشاركة في مرحلة اعادة الاعمار عندما تبدأ والحكومة الصينية ستشجع الشركات الصينية على إقامة مشاريع».
وتواجه السلطات السورية تحدياً داخلياً يتمثل في طموحات الأكراد الراغبين بتكريس الحكم الذاتي في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا.
وتوافد المقيمون في مناطق نفوذ الأكراد الجمعة إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في المرحلة الثانية من انتخابات تنظمها الإدارة الذاتية الكردية على ثلاث مراحل.
وجرت المرحلة الأولى من هذه الانتخابات غير المسبوقة في أيلول الماضي، وهي الأولى منذ اعلان النظام الفدرالي في روج أفا، أي غرب كردستان.
ورفضت دمشق في وقت سابق اعلان الأكراد للفدرالية ووصفت الانتخابات التي تتم على ثلاث مراحل بـ»المزحة».
وقال الجعفري من جنيف تعليقاً على الانتخابات «أي عمل أحادي الجانب يتم دون التنسيق مع الحكومة هو أمر مرفوض بالمطلق» مضيفاً «من لديه أفكار فليأت ويطرحها على الحكومة السورية التي تقرر الموقف الملائم لهذا الشكل».