المأزق العربي !

اظهر الاجتماع الاخير لدول الجامعة العربية في القاهرة مدى الانقسام العربي تجاه القضايا والاحداث العربية والدولية التي تحيط بالعالم العربي واذا تعمقنا كثيرا في قراءة المشهد السياسي العربي ومواقف الانظمة العربية تجاه الملفات السياسية والامنية والاقتصادية التي تتشارك بها هذه الدول فاننا سنجد ان هذا الانقسام هو ليس وليد الساعة ولايرتبط فقط بملف واحد او اثنين بل انه يصل في احيان كثيرة الى تشرذم وانقسام ويقترب من التفتت في الكثير من القضايا وجذوره قائمة مع اختلاف الهويات والايدلوجيات التي تؤمن بها انظمة الحكم في البلاد العربية الا ان تصاعد الاحداث وتطورها وتغير الالولويات بالنسبة لهذه الانظمة اظهر الاجتماع الاخير وكأنه يعلن صراحة الافتراق العربي بعناوين كبيرة .. فقضية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين تراجعت وماعادت قضية مصيرية او اولوية في المواقف العربية والوحدة العربية اصبحت بعيدة المنال في ظل مغادرة شعارات وثقافات القومية العربية وبات امن واستقرار وديمومة الانظمة الحاكمة هو الاولوية في انشغالات وهموم اركان منظومة السلطة في اي بلد عربي وبرغم هبوب رياح التغيير ومارافق الرببيع العربي من تغيرات في فلسفة وهوية السلطة في عدد من البلاد العربية الاان واقع الحال يشير الى بقاء الصراع المذهبي والاختلاف الايدلوجي سائدا في تعامل هذه الانظمة فيما بينها وطغى الاستقطاب المذهبي في المنطقة وقيادة التحالفات على وفق هذا الصراع بين ايران والسعودية وتركيا الى تمحور العديد من البلاد العربية حول مفاصل القوة والتأثير في هذا الصراع فيما ادركت دول اخرى مدى خطورة هذه التحالفات وهذا التمحور وفضلت البقاء في مساحات الاعتدال والوسطية ومد جسور العلاقة والاشتراك مع شتى الاقطاب و..كان ملف لبنان واستقالة الحريري خير معبر عن صورة الواقع العربي اليوم فالحريري الذي طالب بتطبيق سياسة (الناي بالنفس) في بلاده لبنان انطلاقا من الوضع الداخلي في لبنان والامتدادات العرقية والطائفية فيه رمى باستقالته واسبابها حجرا في مياه راكدة اشعلت فتيل ازمة جديدة بين الدول العربية ودفعت الكثيرين لتفسير المواقف واجراء المقارنات وجرد الحساب بالنسبة للسياسات المتبعة في المنطقة والمواقف الاميركية والايرانية والسعودية والتركية من الصراعات في سوريا والعراق واليمن ولبنان وعمقت هذه الازمة من المأزق العربي وبات من الصعب التكهن بمستقبل الجامعة العربية والاتحاد العربي بعناوينه المختلفة من دون البحث عن آليات وتفاهمات جديدة تعيد الثقة للانظمة العربية كي يطمئن بعضها للبعض الاخر بعد ان تداعت الاحداث والمواقف وباعدت بين وجهات النظر في تفسير هذه الاحداث وتعددت الاتهامات في مسؤولية ماجرى ومايجري في منطقتنا العربية الملتهبة وماجاورها.!
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة