حوار: عباس ثائر
اخذت من الجنوبي سمرة القصيدة و الابتسامة من الشمال ، ومن بغداد الانوثة، فتشبثت ببغداد حتى صارت لقباً لها.
ولدت الشاعرة فيان البغدادي عام 1985 في بغداد، تعود جذورها لشمالي العراق، اضطرتها اوضاع البلاد المرتبكة امنياً ان تهاجر خارج العراق، ظلت طيراً مسافراً مرة يحط على اغصان تركيا واخرى على ناطحات سحاب اميريكا.
اختصرتها بمقدمة بسيطة لأدخل الحوار معها مباشرة.
الافاق الواسعة، أغلقها الخراب الذي عم البلاد، هكذا يقولون، أتستطيع القصيدة الشعبية فتح الافاق مرة اخرى؟
– القصيدة التي صنعت ثورات يمكنها ان تفعل كل شيء؛ فالثورة أم الاشياء، وبرغم الضجيج والدخان المتصاعد مازال الشعر يبشر بخير.
كان لمظفر النواب الفضل الاكبر على القصيدة الشعبية، حين حدّث روح القصيدة وشكلها أيبقى النواب المحدث والعرّاب الاوحد؟ هل هناك بوادر للتجديد؟
– نسق قصيدة مظفر فيها تجديد ولَم يصرح به احد الأسباب لان الشعراء الشباب جددوا واضافوا وجعلوا تقارب بينها وبين الشعر العمودي بعد ان كان نفور بينهما اصبح تجاذباً، فعندما نقل النواب تجربة الشعر الحر الى الشعر الشعبي لم ترَ الرواج كذلك لان القارئ لم يعتد على الشكل الجديد للقصيدة، فجوبهت بعداء ايضاً الا انها نجحت وتداولها الناس، وبدأ الآخرون يسيرون عليها، وامتلك حصانة وبالرغم منها الا انه لا يعني ان قصيدته كانت معصومة من النقد، احياناً يوجد بوهيمية او خروج عن الوزن ولكن لا احد يجرأ ان ينتقد قصيدته لأنه اسم له حصانة.
الشعر الراسخ هو من يكسر أطر الازمنة، العابر للازمان والمكان، كيف يمكن للقصيدة ان تكون بهذا الشكل او المستوى؟ ما هي الاشياء التي تمنح القصيدة العبور وعدم الوقوف عند زمن معين؟
– نجده واضحاً في قول نزار قباني: «القصيدة الجيدة هي النسخة الاولى التي ليس لها نسخة ثانية سابقة لها او لاحقة بها»، يعني أنها زمان وحيد هارب من كل الأزمنة ووقت خصوصي منفصل كلياً عن الوقت العام، أما القصيدة الرديئة، هي القصيدة التي تعجز عن تكوين زمانها الخصوصي فتصب في الزمن العام وتضيع ، كما تضيع مياه النهر في البحر الكبير.
النسخة المتشابهة والمتكررة تكاثرت فكثرت في مرحلة الشعر الشعبي ما بعد 2003، نرى النصوص نسخة واحدة، كأنهن توائم، لمن تعزين السبب؟
– استنساخ التجارب ولّدت قصائد متشابهة، ارتداء الزِّي والوقوف على المنصة، طريقة الأداء، كلها متشابه علته التأثر، فالواحد منهم يتأثر بالآخر ولا يخرج من دوامته وبالختام لا يبقى غير النسخة الاصلية والمستنسخة سرعان ما تُمزق .
القصيدة الواعية، تلك التي تحمل الروؤى والافاق الواضحة، ما هي الرؤى في قصائد فيان وكيف تخلقها؟
– القصيدة تكتب لأسباب اما تجربة ذاتية او شخصية او اجتماعية أو سياسية يحولها الشاعر الى رموز او دلالات إذا كانت الرؤى شخصية هو يترجم موضوع القصيدة ودلالاتها هومن يحدد الرؤى اما إذا كانت عن حالة عامة مثلاً يحاول ترجمتها داخل القصيدة.
اصدارك الاخير، وهو الاول، – خزرة فوانيس – هل وضع يده على ظهركِ ليدفعكِ نحو الامام ام انه تجربة لمعرفة رأي القارئ بكِ؟ ولماذا الخرز والفوانيس بالذات؟
– كنتُ ومازلتُ بعيدة عن الكُنى والالقاب، تعديتُ مراحل عدة وبات الكثير من شعراء العراق المهمين يعرفون كيف اكتب والاراء تتضارب كل منهم له رأي بيّ، لكن من يقرأ لي يدرك كيف أدوّن وجعي وفرحي.
اما بما يخص مجموعتي، فاحببت ان يكون لي ديوان أوثق فيه تجربتي فالطباعة اعطتني حافزاً كبيراً، اما ما يخص اسم المجموعة، فأردت به الخلاصة لقصائدي، واحببت ان يكون غير مستهلك -خرز وفوانيس- هو رمز ما .
الشعر الفصيح هو صوت الامة، صار شيئاً ثانوياً عند فيان، لماذا؟
– الشعر الفصيح لم يكُ عندي ثانوياً بل يكون الأسمى احياناً، هو كشجرة صفصاف لاتذبل، فكان ومايزال بمنزلة الترياق لروحي، ولم افرق يوماً بين النصين او افضل احدهم على الاخر؛ فالأم لا تفضل ولد على ولد او بنتاً على بنت
اصدارك الاول كان بالشعر العامي او الشعبي، لماذا لم يكن الفصيح اولاً؟
– الشعر الفصيح له مكانة كبيرة عندي لاحد لها، وفقت في كتابة الشعر الشعبي والشعر الفصيح، ومن يكتب الفصيح والشعبي معا يُضاف له الكثير من الوعي والثقافة، ولان الشارع العراقي شارع عطش للشعر الشعبي برغم غزارته فيه الا انه لا يسد ضمأه ابداً؛ لذا كان إصداري الاول من الشعر شعبي، والثاني متى ما سنحت فرصة الطباعة سيكون من الفصيح.
من الجيد ان توحد النصوص الشعرية وطناً فرقته الاقدار، ألهذا كتبتِ قصيدة بحق الحسين وانتِ مسيحية، ام انكِ اردتِ شيئاً اخر؟
– أينما اكون فانا انتمي لأرضي العراق واحمل عروبتي معي، كتبتُ قصيدتين شعبيتين الاولى كانت للأمام العباس (ع) «عصابة جرح» والثانية «افياي جرحك» للأمام الحسين (ع) في شهر محرم الحرام، فأهل البيت هم ليسوا حكراً لأحد هم للإنسانية جمعاء، مصابنا واحد فكيف لا اكتب عن هذا المصاب، والرمز الهائل؟
الشاعرات اللائي يكتبن بوعي عالٍ يُتهمن بالسرقة دائماً، او ان هناك رجالاً يكتبون لهن، ما سبب هذه الاتهامات برأيك؟
– من يمتلك عقلاً ناضجاً ولغة خصبة، ممتلئة بالحب والسلام سيُهاجم بقوة، لغياب الوعي عند المهاجم، في الوشاية حاك خيوط، وتتدلى ثعالب، ومن يطلق الاتهامات لو ينظر لداخله لأبصر عوراته وهو يكتب لهم/ لهن ! لا نحتاج سوى خبز محبة وان نحب بَعضُنَا بعضاً ان لا نحارب الناجح، كما قال الشافعي (لوكل كلب عوى ألقمته حجـراً لأصبـح الصخر مثقالاً بدينار ) لن نكترث بما يقـال لان خطانا ثابتة وهـم يحرثـون المـاء عبـثاً .