السلمية والمدنية !

تضفي الحروب والنزاعات والصراعات الداخلية والخارجية مظاهر العسكرة ويسري الاستثناء والطاريء في صفوف الدول والمجتمعات وعلى مدى عقود من الزمن مر العراقيون كثيرا وتعايشوا مع مثل هذه الظروف ومن يعيش الان بينهم من الاجيال الماضية لاتغيب عن باله معالم الحياة المدنية التي تنفس فيها العراقيون الحياة المدنية طوال العهد الملكي وأوائل الحكم الجمهوري حتى نهاية السبعينيات وباتت بغداد والبصرة والموصل والمدن العراقية الاخرى مثالا وانموذجا في سعي العراق نحو الالتحاق بركب الدول المتطورة وانفتاح مجتمعه على شتى الثقافات العالمية فكريا واجتماعيا.
وفي الوقت نفسه لن ينسى العراقيون الحقب الظلماء التي تعايشوا معها ايضا وهم يطوون الايام من دون ان تلوح في الافق نهاية لحرب الثماني سنوات مع الجارة ايران ومن ثم عقد من الزمن عاشوه تحت الخوف والحصار والتهديد واستعمال القوة العسكرية في كل مدن العراق وسعي النظام السابق لعسكرة الحياة بكل تفاصيلها حتى غابت اية معالم للحياة المدنية وتراجع الوعي والايمان بنواميس الحضارة والتمدن وحل التخلف في اوساط عريضة من حياة المجتمع العراقي ومنذ سقوط هذا النظام حاول العراقيون استعادة الامل والعودة مجددا الى ممارسة حياتهم الطبيعية وتعويض ابنائهم سنين القهر والحرمان ومحاولة اللحاق بما وصلت اليه الامم والشعوب وجسدوا هذه التطلعات من خلال المشاركة والتفاعل مع الانفتاح الكبير الذي تناسب مع نظامهم الديمقراطي الجديد ومحاولة الحكومات المتعاقبة لتعميق اواصر العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع جميع الدول وتوديع حقب الانغلاق والاستعداء الا ان الارهاب واهدافه الشريرة والحاقدة لم يتح للعراقيين مرة اخرى الفرص في المضي قدما نحو اعادة ترميم ماتم تدميره وتخريبه من معالم الحياة المدنية ودخل العراق في صراع جديد مع قوى ظلامية ارادت ترسيخ معالم الخوف والحرب واصرت على ان لايحصل هذا الشعب على حقوقه التي تتمتع بها الشعوب الاخرى وتعويض مافاته وهكذا عاودت مظاهر العسكرة حضورها في حياة العراقيين من جديد وسعت الدولة مضطرة الى تحقيق الانتشار الامني والعسكري في مرافق الحياة من اجل حماية الارواح والممتلكات وعاودت الظروف الاستثنائية والطارئة لتفرض اساليب التضييق والتقشف والحذر ..
ومع مضي هذه السنوات الاضافية من الاجواء المسلحة يستشرف ابناء الشعب العراقي المرحلة المقبلة بامال جديدة وهم يباركون لقواتنا المسلحة بجميع تشكيلاتها دحر الارهاب في اخر معاقله ويرجون من الباري عز وجل ان يعيد لهذه البلاد افراحها وان تنتهي اتراحها مع عودة المقاتلين الى بيوتهم واهلهم وان يتوجه الجميع الى سوح العمل والبناء والاعمار املا باعادة ترميم البيت العراقي الكبير وبما يعيد البسمة لهذا الوطن ولهذا الشعب . وان يتم تكريس المظاهر السلمية والمدنية في كل تفاصيل الحياة .
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة