الفنانة التشكيلية ندى عسكر في حوار مع»الصباح الجديد»
حاورها – عامر عبود الشيخ علي:
الغوص في اعمال الفنانة التشكيلية ندى عسكر، يأخذ المتلقي الى مساحات واسعة بعمق التاريخ، وحضارة العراق وتراثه، لتحمل امواجها صيرورة رافديها، وانبهار ابداعها في تشكيل فن قيمي اصيل.
انها بنت تلك الحضارة، فنانة تنوع فنها ما بين الرسم، والخزف، والرسم على القماش، لتشكل لوحة جميلة، تسوق من خلالها الفن الملتزم، الى حاضر مرتبك، لتكون شهريار عصرها، وفي لقاء جميل معها اجابت على اسئلتنا مشكورة.
متى التصقت أناملك بالفرشاة وتحنت بالطين؟
بدأت الرسم منذ الصغر لأني تربيت في بيت والدتي (رحمها الله)، المنحدرة من عائلة فنية، وهي رسامة، وكنت انبهر عندما اراها ترسم شخصيات معروفة، وتبدع في رسمها، وكانت ايضا تجيد الحياكة، والخياطة، ولها ذوق رفيع، تأثرت بها كثيرا، وهي من كانت تشجعني عندما اكتشفت لدي الموهبة، ولا انسى فرحتها في ليلة شتائية، وكنت في الصف الرابع الابتدائي، عندما رسمت تخطيط لبروفايل وجه والدي، وهو جالس امامي من دون ان يعلم، حينها شاهدت ابتسامة والدتي وهي منبهرة كيف استطعت ان ارسمه وبشبه كبير، حينها ادركت ان لدي شيئا يختلف عن اخوتي، وكنت اتباهى بانني اشبه والدتي في فنها، وبدأ شوطي بالرسم في مرحلة المتوسطة، والرسم بالألوان الزيتية، والمائية، والتخطيط، وبتشجيع من قبل ادارات المدارس لجميع المراحل وصولا الى كلية الفنون الجميلة.
لو طلب منك تقسيم تجربتك الفنية ووعيك الفني من اين ستبدئين؟
سأبدأ من تاريخي الحديث وانا في هذا العمر، وتجربة أكثر من ثلاثين عاما، لأني اشعر بعد كل هذا التاريخ من العطاء، انني الان بدأت في تحقيق جزء بسيط من عالم كبير اسمه الفن التشكيلي سواء كان رسم او خزف.
اول معرض تشكيلي شعرت انه انطلاقتك الحقيقية؟
عملت خمسة عشر معرضا شخصيا، ولكل معرض كان لي فيه انطلاقة جديدة، وذلك لان كل معرض اقيمه كنت استفيد من اخطائي واشخصها واعمل على تجاوزها في المعارض اللاحقة، وايضا استفيد من آراء المتلقين والمتذوقين للفن التشكيلي
المتتبع لفنك يلاحظ تأثير الحضارة والتراث في أعمالك ماذا تمثل لك تلك الرمزية؟
تعد حضارة بلاد ما بين النهرين اول وارقى حضارات الدنيا، لما منحته هذه الحضارة للبشرية من علوم وفنون وقوانين، وانا متأثرة جدا بهذه الحضارة القوية، التي اوجد سكانها لهم قيم وابداعات هائلة، في زمن ما قبل الميلاد، زمن لا توجد فيه التكنولوجيا، كيف عملوا، وأسسوا قانونا لحياتهم بهذا الرقي والذكاء، كلما أقرأ عن حياتهم اشعر انهم ارقى من حاضرنا، ولهذا ادخل الرموز التاريخية في اعمالي، لأعرّف كل من يجهل حقيقة تاريخنا، باننا كنا من ارقى حضارات الدنيا، وارسم في لوحاتي ما دمرته الحروب، وعملية سرقة الاثار التي كان وما زال لها وقع كبير على الوطن انها كنوز البلد.
غالبا ما تكون الهموم والاوجاع سبب الابداع هل لوجعك تأثير على اعمالك؟
اكيد هناك اوجاع وهموم، وكيف لا يكون لنا وجع وهم، ونحن نعيش في وطن كله الم وقهر، وقضينا اغلب العمر ونحن نتصارع بحروب مؤلمة الواحدة تلو الاخرى وما زلنا الى وقتنا هذا نعيشها، ولهذا الوجع سيكون رد فعل، وتأثير على اعمالنا، والتي من خلالها نجسد فيما نراه ونحس به.
ماهي رسالتك، وايهما أقرب اليك الخزف ام اللوحة؟
لكل فنان رسالة، ورسالتي، وهمي، هو وطني ومجتمعه، اغلب لوحاتي اعالج فيها قضايا وطني، سواء اكان ذلك عن طريق بيت شعر، او التركيز على حضارة بلدي في فن التشكيل، وربطه بحاضرنا المحتاج الى اصلاح، اما سؤالك عن ايهما أقرب لي الخزف ام الرسم، فأقول ان الاثنين هم الاقرب الى نفسي، لكونهما مصدر راحة لي في التعبير عما يجول في خاطري.
وهل تعتقدين ان الجيل الجديد من الفنانين قادر على لملمة شتات الفن التشكيلي الذي تأثر كغيره من الثقافات والفنون الأخرى بالوضع السياسي بعد التغيير؟
اتمنى من الجيل الجديد ان يلملم شتات الفن، ولكن هناك فرقا كبيرا بين الجيلين، فجيلنا ملتزم وحريص، نثقف نفسنا ونجرب ونعمل باستمرار، وما زلنا نعد أنفسنا طلاب فن، نقبل النقد والنصيحة، في حين ارى الجيل الجديد عنيد ويستعمل اساليب ملتوية في العمل، وغير متحضر، وهذا ما لمسته من معايشتي لطلاب الفن، ولا اعتقد انهم سيحققون شيئا مستقبلا ان بقي حالهم كما هو، لان لديهم تشتت، وغرور، بعد اول مشاركة لهم في أي معرض، وعند سماعهم الى ابسط مفردات المدح من قبل جهلاء الفن، او المجاملين، ورأيي هذا لا يشمل الكل، فهناك شباب يعملون بجد على تطوير فنهم، بعيدا عن الغرور.
في الختام هل حققتِ طموحاتك الفنية؟
مع كل الاسف لم احقق طموحاتي الكثيرة، ومنها اكمال دراستي في الماجستير والدكتوراه، كوني بعيدة عن بغداد، وظروفي والتزاماتي العائلية منعتني من تحقيق هذه الأمنية، التي ماتزال حلمي.