حليمة مطشر

غرست جذورها في اعماق ارضها لتكون نخلة شامخة تلوح سعفاتها عنان السماء وتخبر الريح عن قصتها التي امتزجت بتربة مدينتها « الديوانية «فهي الفلاحة بنت الفلاح التي تفتخر بكونها تمتهن الفلاحة.
تصف الارض بانها امها واليوم الذي يمر من دون ان تأتي اليها يكون موحشاً ومن دون طعم « حليمة « التي تعد الارض بالنسبة لها « كل شيء « بحسب قولها.
تلك المرأة ذات السحنة السمراء المستمدة سمرتها من تربة ارضها، تلك السومرية الجميلة الروح والعقل تتحدث بلسان الانسانة الواثقة من نفسها بالرغم من كونها لم تكمل دراستها والاكتفاء بالتحصيل الابتدائي، الا انها تمتلك فكراً وثقافة عالية، لاسيما فيما يتعلق بالزراعة فهي تقوم بالأبحاث على ارضها وتستعمل اسمدة من ابتكارها.
ضجيج المدينة لم يمنع وصول صوتها بانها تعمل جنباً الى جنب مع اخيها الرجل حالها حال اغلب النساء العراقيات اللواتي ذقن الويلات وعرفن طعم الحرمان والمعاناة التي ما زالت تنخر في اجسادهن الضئيلة التي رسمتها سنوات الحرب والجوع والفقر، لم تسمح بأن تمحو ذكرها تلك السنون العجاف بل اصرت وصبرت لحين قطف ثمار تعبها المزمن، لم تستكن ولو للحظة مسروقة من عمرها فلم تمهلها الايام ولم تعطها حق الاختيار بين الموت والموت، بل نهضت لتعلن انها على قيد الحياة وقيد العمل وقيد الطموح.
حليمة قصة من آلاف القصص لنساء عراقيات فتحن للأمل ابواباً ليتمكن غيرهن من طرق تلك الابواب والشروع بتحقيق احلامهن والوصول الى اهدافهن وطموحاتهن من دون ان يحول حال دون ذلك.
المرأة العراقية كل يوم تثبت انها مصدر ابداع والهام لتكون نبراساً مشعاً للعطاء المتناهي في كل زمان ومكان فهي الام والاخت والزوجة والحبيبة التي اينما حلت حل السرور والبهجة وان كانت تضج بالألم والحزن الذي اختارها من دون سواها لتكون رفيقة دربه. نفضت غبار العادات والتقاليد والقيود الاجتماعية لتكون فارسة في اي مجال تنوي الولوج فيه لذا لا تستغرب ان تخلق من رحم المعاناة هذه الانسانة الجميلة الطموحة التي رفعت شعار « خير الناس من نفع الناس « لكل خطواتها لتكون مصدراً لنجاح حليمة مطشر.
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة