انفصال الأكراد

يتحمل الزعماء السياسيون، قادة شعوبهم وأوطانهم، المسؤولية الكاملة عندما يتخذون القرارات المصيرية الصعبة. تلك القرارات التي ربما تجلب لشعبهم ووطنهم الرخاء أو البلاء. سقط الكثير من القادة التاريخيين بهذا المطب الصعب، ذلك عندما اتخذوا القرارات المتسرعة غير المدروسة جيدا وبتمحيص عالي الدقة والرزانة ومن ثم تحمل المسؤولية التاريخية الكاملة على اتخاذ القرار النهائي الذي هو سوف يُكتب ويُسجل بالتاريخ باسم ذلك الزعيم القائد. الأمر يختلف بين الفائدة والخسارة. يجب على القائد حساب الربح والخسارة على المدى التاريخي لشعبه وارضه ومصالحه الاستراتيجية الكبرى، وليس الانطلاق من المصالح الآنية الضيقة التي تمليها الظروف السياسية الطارئة. للجذور أهمية كبيرة في السياسة، خصوصا عند التوجه لاتخاذ قرار مصيري يتعلق بالخارطة السياسية والجغرافيا والتاريخ وبالتالي بالشعب المعني الذي يجب دراسته بعناية علمية وأكاديمية وليس اخذ أرائه بالأسواق العامة وعلى صفحات الفيسبوك فقط. الأمر أخطر من ذلك بكثير.

يُشاع عن القادة الأكراد في هذه الظروف الحرجة والخطيرة التي يمر بها العراق كدولة أنهم بصدد اتخاذ خطوة نحو الانفصال عن جذرهم السياسي التاريخي المتمثل بالعراق. حصل الأكراد بمساندة الحركة الوطنية العراقية التقدمية بجميع فصائلها السياسية والمذهبية بالدعم لهم ولحقوقهم التاريخية التي لا تقبل التأويل والتفسير. العمل بنصائح الأتراك المعادين للحقوق الكردية أساسا ليس هو الطريق لضمان حماية الشعب الكردي في العراق من التطورات السياسية المستقبلية الخطيرة. تأييد الزعيم الكردي التركي عبدالله أوجلان بإعلان دولة كردية في العراق هي أمنية يعرفها القادة الكرد أكثر من غيرهم. عبد الله أوجلان يحتقر أكراد العراق كما يحتقر ألد أعدائه بالذات. إنه رجل غير سياسي ولا يعنى بالسياسة بقدر ما يعني بإخضاع جميع الأكراد لسلطانه المتشدد والمتطرف الذي لا يتوافق مع مزاج أكراد العراق التاريخيين الأحرار.

خطوة الانفصال الكردي عن المركز تحتاج إلى قرار تاريخي كبير؛ فهل هنالك من زعامة كردية تتحمل مثل هذه المسؤولية التاريخية الكبيرة والخطيرة؟

يعتقد الساسة الكرد من دعاة الانفصال أن الوقت الراهن الذي يتسم بغياب ملامح الدولة المركزية تحت وابل التهديدات الداخلية من قبل الإرهابيين وفلول البعثيين القدامى مناسبا للحصول على القدر الأكبر من حقوقهم المشروعة. تلك حسابات خاطئة تاريخيا. تحالف السيد مسعود البارزاني ضد فصيل كبير من شعبه وناشد الدولة المركزية بالقضاء على خصمة الاتحاد الوطني بزعامة مام جلال عام 1996. لايعرف الشعب الكردي إلى أين يسير وإلى أي مصير يقوده الساسة بالتحديد. الشعب الكردي رهين قادته في هذه المرحلة السياسية الخطيرة، الأخطر على الإطلاق بما يتعلق بمصير أكراد العراق ومستقبلهم.

علي عبد العال

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة