طارق حرب
ان الساعات التي تم نصبها في بغداد كثيرة، وكان اول ساعة تراثية تم نصبها سنة ١٨٦٩ في زمن الوالي ناظم پاشا وساعة الامامين الكاظمين، حيث تم نصب ساعتين وليست واحدة على باب القبلة والاخرى على باب المراد، والساعة الثالثة ساعة جامع الشيخ عبد القادر الگيلاني، والتي تم نصبها سنة ١٨٩٧، وساعة الاعظمية ١٩٣٠، وساعتا المحطة العالمية ١٩٥٥، وهذه الساعات جزء من تراث بغداد بكونها ساعات جدارية عظيمة في بغداد.
وكان التاريخ يروي لنا ان بغداد صنعت الساعة في العهد العباسي وان الخليفة هارون الرشيد أهدي في نهاية القرن الثاني الهجري ساعة الى ملك الافرنج.
ويقال ان هذه الساعة كانت بدعاً في ذلك العصر وان المدرسة المستنصرية في بغداد كانت فيها ساعة عام ٥٧٩ هجرية، لا بل قد اشتهرت في بغداد جماعات عرفوا بالساعاتيين والواحد ساعاتي وعرف ابناؤهم بابن الساعاتي ومنهم الشاعر بهاء الدين علي بن رستم المعروف بابن الساعاتي ونور الدين علي بن تغلب الساعاتي.
وقد عرف البغداديون الساعة الحديثة منذ القرن الثامن عشر وكان ابناء بغداد مولعون في اقتناء ساعات الجيب والساعات الجدارية لتزيين دواوينهم وفي موضوع تمت كتابته في مجلة ألف باء البغدادية عرضت فيه ساعة يملكها بغدادي تاريخ صنعها ١٨٠٠، ودخلت بغداد ١٨١٠.
وعرفت بغداد الساعات الكبيرة ذات الابراج العالية على غرار منائر المساجد والجوامع ايام الوالي مدحت باشا لأول مرة سنة ١٨٦٩ اي بعد عشرة سنوات من نصب أشهر ساعة جدارية في العالم وهي ساعة بگ بن في لندن، وقد ارتبط بناء هذه الساعة بإكمال بناء القشلة المشهور في بغداد وكان رنين صوتها تسمعه بغداد بأجمعها ذلك الزمان لأيقاظ الجنود والعمال، اضافة الى تزيينها بالمصابيح مما يمكن رؤيتها من مسافات بعيدة في الليل.
وقد بني برج هذه الساعة من حجارة سور بغداد الشرقي ،الذي كان قائمًا آنذاك والذي هدمه الوالي لعدم الحاجة اليه بعد ظهور المدافع وينتصب برج الساعة الذي يطل على شاطئ دجلة على مساحة مربعة الشكل طول ضلعها اربعة امتار يضيق كلما ارتفع عن الارض شبيها بالهرم بتصميم يشبه الى حد ما المئذنة وارتفاعه ثلاثون مترا وبداخله سلم حلزوني وفي نهايته حوض كبير يضم مكائن الساعة ويوجد جرس الساعة بارتفاع متر وقطر ثلاثة امتار ولهذه الساعة أربعة اوجه ويعتلي البرج سهم حديدي يؤشر حركة الرياح واتجاهاتها وهنالك كتابات عن اسم الشركة الصانعة وهي شركة croydon ، وسنة تأسيس الشركة ١٨٤٨ ويتم نصب الساعة بواسطة عتلة كبيرة يشبه ( هندر السيارات القديمات) حيث لا يوجد تشغيل كهربائي وانما بالتدوير وكان تدوير العتلة يكفي لعشرة ايام اما ساعتي الامامين الكاظمين فهما من الساعات البرجية ايضاً .
وكانت الساعة الاولى من اهداء الوزير الايراني دوست محمد خان عند زيارته المشهد الكاظمي سنة ١٨٧٠، وبقت في المخازن لحين نصبها اما الساعة الثانية وهي أكبر وأضخم فقد اهداها الحاج محمد مهدي البوشهري الايراني سنة ١٨٨٥، وقد ارتبط تاريخ الساعتين بمشروع تجديد عمارة المشهد الكاظمي الذي تولى الانفاق عليه الامير فرهاد ميرزا القاجاري عم الشاه سنة ١٨٨٢، والذي اوكل الى التاجرين عبد الهادي وعبد المهدي الاستربادي واذن لهما الانفاق غير المحدود.
وبعد سنوات من نصب ساعتي المشهد الكاظمي أهدى المسلمون الهنود ساعة كبيرة للحضرة الگيلانية، وهي ساعة ضخمة ذات أربع اوجه وقد تم عمل هذه الساعة في الهند.
وتولى السيد عبد الرحمن النقيب نقيب اشراف بغداد بناء برج عالي لها ارتفاعه ثلاثون مترا والذي يحاكي برج ساعة القشلة اما الساعة الاعظمية ١٩٣٠، فقد انشأها الحاج عبد الرزاق محسوب الاعظمي مع ولديه وقد توجه لذلك بعد عطل ساعة الگيلاني وعدم وجود من يصلحها وبعد اكمالها واكمال بناء برجها تم نصبها في جامع الامام الاعظم، اما ساعة المحطة العالمية محطة السكك الحديدية في الكرخ فقد تم نصب ساعتين على برجين يرتفعان في باب بناية المحطة عند اكمال البناء سنة ١٩٥٥ وهما ذوات طابع إسلامي.
ساعات بغداد
التعليقات مغلقة