منذ سقوط الديكتاتورية في العراق غابت مبادرات التأسيس لدولة جديدة تسود فيها ثقافة التعايش وثقافة المواطنة وبرغم ان الدستور العراقي فصل كثيرا معالم هذه الدولة وبرغم ان النظام الديمقراطي الذي انبثق بعد 2003 قائم على التعددية ويراعي التنوع الاثني في البلاد الا ان الجهود التي كان يجب توظيفها لخلق او صنع رأي عام يتسق ويتماشى ويتماثل مع الدستور ومع الآليات التي وضعت لتثبيت النظام السياسي الجديد بقيت دون المستوى ولم ترتقِ الى التحديات الكبيرة التي واجهها العراق طوال اكثر من اربعة عشر عاما ..واسهم التنازع والتنافس والصراع الطائفي والقومي والحزبي كثيرا في افراغ النصوص الدستورية والقانونية التي اريد لها ان تؤسس دولة المواطنة من محتواها فيما زاد الاداء السيء والاستفراد لقوى وكيانات سياسية حازت على الاغلبية في الانتخابات في تشويه معالم النظام الديمقراطي من خلال تهميشها لاية فعاليات وجهود كانت تستهدف ترسيخ مبدأ المشاركة والوفاق الوطني وبموازاة ذلك عمدت زعامات واحزاب اخرى على نقل هذا الصراع السياسي في منظومة السلطة الى الشارع واشاعت في اوساط الرأي العام مظاهر التخويف والتحريف والتخوين مما ادى الى بروز الانقسام والنفور وشيوع ثقافات الطائفية والعنصرية بين اوساط الرأي العام وبات التناكف وتبادل الاتهامات بين ممثلي فئات الشعب العراقي سمة بارزة داخل العراق وخارجه وغابت تدريجيا معالم الوعي الوطني الذي يجمع العراقيين بشتى دياناتهم وقومياتهم ومذاهبهم واصبح من المألوف ان ينقسم العراقيون في ارائهم تجاه اي ملف من الملفات مهما كانت خطورة هذا الملف او ارتباطه بالمصالح الوطنية العليا للعراقيين كوطن ودولة وتسبب هذا الانهيار في التمسك بالقيم الوطنية وغياب الوعي الوطني في خسارات فادحة شملت كل الطوائف العراقية واظهرت الوطن امام العالم على انه وطن ممزق تنحره الخلافات والاحتراب على كل شيء ويمكن القول ان الارهاب الداعشي وجد في هذا الانهيار بابا واسعا للدخول واحتلال بعض المدن العراقية وفرض هيمنته على سكانها واذا كان هناك من مفصل يمكن الافتخار به في كل هذه المشاهد فان مفصل المعركة مع الارهاب والانتصار على داعش هو الاسمى بين هذه المشاهد حيث توحد فيه العراقيين من اجل طرد عصابات الارهاب والقضاء عليها. السؤال اليوم هو لماذا يريد البعض تكرار مشاهد الانهيار والفشل ويسمح لداعش وغيرها من التنظيمات الارهابية بالعودة مجددا واضاعة معالم الانتصار في الحرب على الارهاب من خلال التعنت والاصرار على رفض كل محاولات ابقاء العراق موحدا قويا امام الحضيرة الدولية.؟
د.علي شمخي
وعي وطني
التعليقات مغلقة