الصباح الجديد ـ وكالات:
ما تزال صدمات جائزة «مان بوكر» البريطانية، المخصصة للرواية، تتوالى مع إعلان قوائهما الطويلة، أو القصيرة، كل عام. الاختيارات مفاجئة لكثير من المتابعين. كتاب كبار لا تدخل رواياتهم القائمة الطويلة (سلمان رشدي هذا العام) ومثلهم لا تصل رواياتهم الى القائمة القصيرة مثلما حدث هذا العام، وليس أقل مفاجأة أن يكون الكاتب / الكاتبة الذي تنال روايته الفائزة بالجائزة، البريطانية الأكثر عراقة، على هذا الصعيد، لم يكن معروفاً قبل دخول عمله أروقة «مان بوكر».
أعلنت لجنة تحكيم جائزة مان بوكر، البريطانية، برئاسة البارونة لولا ينغ عن القائمة القصيرة للجائزة لهذا العام صباح الأربعاء 13 سبتمبر/أيلول. وتضم القائمة، التي احتوت على ستة عناوين، الكاتبين الأميركيين بول أوستر بروايته «4321» وجورج سوندرز بروايته «لينكولن في بارود»، جنبًا إلى جنب مع وجوه جديدة. فهناك الروائية البريطانية البالغة من العمر 29 عاماً، فيونا موزلي، والتي حظيت بمكانة في الترتيب النهائي بروايتها «إلميت»، والأميركية إميلي فريدلوند بروايتها «تاريخ الذئاب». وفي المقابل تظهر الكاتبة البريطانية إلي سميث، بروايتها «الخريف»، التي تتحدث عما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكذا البريطاني الباكستاني محسن حميد عن روايته «مخرج الغرب»، وهي حول هرب اللاجئين إلى أجزاء أخرى من العالم. وكان حميد قد تم اختياره في وقت سابق عن روايته عام 2007 «الأصولية المترددة».
ولم يحالف الحظ «وزارة السعادة القصوى» للكاتبة الهندية أرونداتي روي، الفائزة السابقة بروايتها «إله الأشياء الصغيرة»، فضلاً عن سيباستيان باري وكاميلا شامسي وماك ماكورماك. كما تراجع أيضًا البريطانيان زادي سميث وجون ماكجورج. وكان خروج «السكك الحديدية تحت الأرض» للكاتب الأميركي كولسون وايتهيد من القائمة القصيرة بمثابة مفاجأة مذهلة، خصوصاً للمكتبات التي كان بعضها يعوّل على حملها علامة: القائمة القصيرة لبوكر. فقد كانت رواية الخيال العلمي من أبرز الأعمال المرشحة ، وقد فازت بالفعل بسلسلة من الجوائز الأدبية المرموقة، بما في ذلك جائزة بوليتزر الاميركية 2017، وجائزة الكتاب الوطني لعام 2016، وجائزة آرثر سي كلارك للخيال العلمي. وكان كريس وايت، من سلسلة مكتبات وترستون الشهيرة في بريطانيا، من بين الذين بوغتوا باستبعاد وايتهيد من القائمة القصيرة، وأعرب عن شعوره الصادم جراء هذا الإغفال لعمل رائع مثل تلك الرواية، كما تحدث عن جعبة بوكر التي دائماً ما تمتلئ بالمفاجآت.. ولكنها لم تكن، حسب قوله، بمثل هذا الغرابة في الاختيارات.
وبدلاً من ذلك، اختار المحكّمون الرواية الأولى لكاتب القصص القصيرة سوندرز «لينكولن في بارود»، وهي تتبع الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن أثناء زيارته لقبر ابنه ويلي، ورواية الأميركي بول أوستر «4321»، التي أطلق عليها المحكمون صفة «رصينة»، وتدور عن حياة صبي يُدعى أرشيبالد إسحاق فيرغسون، يستدعي حياته عبر أربع طفولات متخيلة لأربعة أشخاص يحملون الاسم ذاته، ويذكر أوستر في حوار له أن عمليه السابقين قد مهّدا له الطريق لكتابة هذه الرواية ويضيف: ربما هربًا من طفولتي الواقعية التي عشتها. كما حظيت موزلي بمكان في قائمة بوكر القصيرة عن روايتها الأولى «إلميت»، التي تتناول قصة رجل مع أطفاله، تضطرهم الظروف إلى العيش في كوبس في ويست ريدنغ بيوركشاير. وأيضًا الروائية الأميركية إميلي فريدلوند عن «تاريخ الذئاب»، التي تتمحور حول قصة فتاة معزولة تبلغ من العمر 14 عاماً وتشب وسط طائفة دينية فاشلة في الغرب الأوسط من الولايات المتحدة.
ووصفت ينغ عناوين القائمة القصيرة كما ورد قالت صحيفة «الغارديان»، البريطانية، بأنها «كتب فريدة وجريئة تجابه الحدود الصارمة للتقاليد والأعراف». كما وصفتها بطابعها الساخر والصادق والمثير للقلق، وبأن النسق العاطفي والثقافي والسياسي والفكري لهذه الكتب لافت للنظر، وتتحدى قناعتنا المسلَّم بها ما يبرهن على يملكه الأدب من قوة وسلطة».
ويلاحظ على «مان بوكر»، بعدما فتحت المجال لدخول الكتاب الأميركيين أن نصف المؤلفين تقريباً كان من أميركا، وقد عرضت تلك الملاحظة للمناقشة على المحكمين في مؤتمر صحافي حول «أمركة» أعلى جائزة أدبية في المملكة المتحدة، بعدما فاز بها في العام الماضي الأميركي بول بيتي عن روايته «التصفية». وأوضحت ينغ بأن «الجنسية ليست قضية في اتخاذ قرار بشأن الفائز»، وأضافت للغارديان بأن «كل ما نستطيع قوله هو لإننا نحكم على الكتب المقدمة لنا، ولا نجعل حكمنا يستند إلى الجنسية أو الجنس، ولكن بما هو مكتوب «.