أحلام يوسف:
كثيراً ما تدور الحوارات على مواقع التواصل الاجتماعي حول المرأة وتكريمها من قبل الإسلام، وغالبا ما تكون النقطة الأساسية التي يركز عليها هؤلاء هو موضوع وأد المرأة، وكيف ان الإسلام من باب ان الارزاق بيد الله، قد حرّم قتلها، لكن الكثير منهم لا يعرف تفاصيل وحقيقة هذا الموضوع الشائك، والغامض والواضح في الوقت ذاته، في حال تعاملنا بحيادية مع الموضوع.
ان تذكر الآية جملة «خشية املاق» فهذا يعني ان قتل المرأة لم يكن بسبب جنسها، وانما بسبب الفقر والعوز، لذلك فقد كانوا يبقون على الولد على امل ان يكبر ويستطيع مساعدة والده في عمله، الذي كان حصرا على الرجل، وان تُقتل المرأة خشية موتها جوعا، يختلف اختلافا جذريا عن قتلها لأسباب أخرى عديدة تتعلق بجنسها.
اليوم توأد المرأة بألف صورة وصورة، لكن الكل يتكتم عن الموضوع، ولا يربطه بحالة الوأد، فعندما يقدم الاهل في الكثير من المناطق الشعبية، وبسبب الأمية وانعدام الثقافة العامة، لتزويج ابنتهما ذات الأحد عشر ربيعا، او أكبر من ذلك بقليل، من رجل يكبرها بثلاثين عاما، او أكثر، فذلك يقتلها ألف مرة، وقد قتلها في العديد من المرات روحا وجسدا، وفي اول يوم لها مع زوجها الذي اغرته تلك الطفلة، وتجرأ على خطبتها، ومن ثم الزواج بها.
اليوم تقتل المرأة بالرأي عندما تحرم من دراستها، او عندما يستجاب الى طلبها بترك الدراسة، وهي تلك الطفلة التي لا تعي معنى، واهمية التعليم والشهادة الاكاديمية بالنسبة اليها، اليوم، تقتل المرأة بالنظرة التي تعيب عليها مظهر معين لأنه لا يتناسب واذواق وأفكار وعادات المجتمع والبيئة التي تعيش وسطها، لتصبح مجرد كائن مأمور، لا حول له ولا قوة، ودوره الوحيد في الحياة هو تنفيذ ما يمليه عليها رجال بيتها، والمجتمع.
المرأة أصبحت كائنا، الكل يطالب بحقوقه، والكل يسهم بإضاعة تلك الحقوق، وقبل الرجال، فان هناك بعض النساء اللواتي يسهمن بإضاعتها من خلال تمسكهن ببعض الأعراف والتقاليد التي ما انزل الله بها من سلطان، لكنهم جميعا، رجالا ونساء، وبحكم العادة والروتين وضعوها في خانة الدين والتدين، كي لا يجرؤ احد على مناقشتها وعقلنتها، حيث كل واحد منهم يفسر الآيات والاحاديث حسب اهوائه، وينسب الاحاديث الى الرسول، او ينفيها، أيضا حسب اهوائه، ومن بينها ضرب الرجل للمرأة، الذي فتح بابا للجدل لم ولن يغلق، لأننا وسط هذا الكم من المفسرين، ضعنا امام مفردة «اضربوهن» بين التفاسير والشروحات لمعناها وغايتها، وتلك واحدة من المغالطات التي اغرقت فيها المرأة والمجتمع بنحو عام، لكن ونحن في القرن الحادي والعشرين، ومع كل التطور التكنلوجي الذي نعيشه اليوم، علينا ان نستوعب ان العقل هو نعمة، علينا ان نحدّث بها كما امرنا الله، من خلال استثماره على اكمل وأصح وجه، من خلال عقلنة كل حديث، كي يكون تطبيقه فعلا صحيحا، لا تشوبه شائبة.
العقل المتنور هو من يملك مفتاح الحل لتصحيح الخطأ، وتعديل المعوج في حياتنا بكل نواحيها، وأول الحلول هي معرفة الطريقة المثلى للتعامل مع المرأة، فالمرأة الحرة هي من تخلق شعبا حرا، والمرأة الضعيفة التي تعيش حياة العبودية مع رجال بيتها والمجتمع، لا يمكنها الا ان تخلق شعبا من العبيد، فلا تسهموا بخلق عبيد ثم تعودوا لتثوروا من اجل حريتهم.
الشعب الحر يُخلَق من رحِم امرأة حرّة
التعليقات مغلقة