كان رئيس الوزراء حيدر العبادي يشير الى ما يجري في البصرة في المقام الاول، من بين مشكلات تواجهها مشاريع الخدمات في البلاد حين قال مؤخرا: «كلما اردنا تحسين خدمة للمواطن هناك مافيا تريد افسادها وتحاول تخريب مشاريع وضعت لخدمة المواطن».
هل ثمة حاجة الى وضوح اكثر من هذا لمعرفة لماذا تتخبط وتتلكأ مشاريع تحديث بنية الخدمات في البلاد، وعلى وجه الخصوص في البصرة التي قالت معلومات مجلس المحافظة، منذ اكثر من عامين، ان (200) مشروع خدمي نائم في معتقل المافيات النافذة والمرتبط الكثير منها بجماعات سياسية، والتي تستخدم حالة التردي في الخدمات لتسويق «الخدمات» المغشوشة والباهظة الاجور، الامر الذي اثقل على معيشة المواطنين وابقى المحافظة وسكانها في مستوى من التخلف المريع لا يقارن بثرواتها الكبيرة، إضافة الى كونها الميناء الوحيد للبلاد.
وحين يتابع المراقب المتخصص ملف مشروع تحلية مياه البصرة فانه يضع يده على اعتراضات غريبة غير موضوعية ولا مهنية ولا تصبّ في نهج الاصلاح او مصلحة الشعب وسكان المحافظة، واقل ما يقال عنها انها ضد توجيهات رئيس الوزراء الخاصة بتسهيل الاجراءات ذات العلاقة بالاستثمارات والمشاريع الاجنبية التي ينبغي كبح الروتين امامها وتوفير جميع السبل من اجل انجاح اعمالها، فيما تعللت بعض الدوائر بوجود «ضغوط» عليها بحيث اضطرت الى وقف البدء بالتنفيذ وعرض المشاريع على مناقصات جديدة، لاعطاء وقت آخر للمافيات والجماعات السياسية المنتفعة لنهب المزيد من الاموال وامتصاص لقمة عيش المواطنين.
الى ذلك فان مشاريع تحلية مياه البصرة تُعدّ المفتاح لرخاء المحافظة وتحسين احوالها ونقلها من خانة التخلف الى الازدهار، الاقتصادي والزراعي والصناعي والصحي، ويُعتقد ان هذا ما يقلق المافيات التي تحدث عنها العبادي، حيث تضع العراقيل امام هذه المشاريع الخدمية وبخاصة المشاريع «النظيفة» المعززة بالخبرات، والشركات الدولية صاحبة المصداقية والكفاءة، وهم يحاربونها بواسطة موظفين متنفذين في دوائر الدولة والوزارات والاستشارات، وقد ظهرت الى العلن بعض مؤشرات هذه المفاسد واخذت طريقها الى القضاء، لكن نفوذ المافيات لا يزال متواجدا في مواقع لها صلة بهذه المشاريع، وبين ايدينا اسماء وملاكات مشتبه في تورطها بالعرقلة المتقصدة لهذه المشاريع، وهي تستخدم اعلاميين وصحفيين، بالأجرة (نعرف بعضهم) للتشويش على هذه المشاريع لكي لا ترى النور.
ان تحلية مياه البصرة حلم البصريين في الحصول على ماء صالح للشرب خال من الملوحة، وفي حين يصبح هذا الحلم قريب المنال ترفع المافيا رؤوسها لدفن هذا الحلم، والحال ان هذه الجيوب الشريرة خطرا على البلاد لا يقل عن خطورة تنظيم داعش الارهابي، كما يقول العبادي في اكثر من مرة.
***********
شارل ديغول:
« كلما ازددت معرفة بالبشر وجدت نفسي أكن المزيد من الحب للكلاب»
عبدالمنعم الأعسم
مشاريع مياه البصرة.. المافيات تعرقل
التعليقات مغلقة