بشأن أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها
واشنطن ـ أ ب ف:
رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب امس الاول الاثنين أي انسحاب لبلاده من افغانستان، عارضا استراتيجية جديدة للولايات المتحدة في هذا البلد تقضي بإرسال تعزيزات عسكرية وتشديد الضغط على باكستان التي اتهمها بإيواء «عناصر فوضى».
وفي خطاب استمر حوالى عشرين دقيقة، لم يحدد ترامب أي أرقام حول مستوى الانتشار العسكري وأي مهلة زمنية له، معتبرا أن الدخول في هذه التفاصيل يعطي «نتائج عكسية».
لكنه أكد قناعته الراسخة بأن انسحابا متسرعا من أفغانستان سيوجد فراغا يستفيد منه «الارهابيون» من عناصر القاعدة وتنظيم داعش .
وردا على الخطاب، توعدت حركة طالبان التي تشن تمردا في أفغانستان بأنه «اذا لم تسحب الولايات المتحدة جنودها من افغانستان، فان افغانستان ستصبح قريبا مقبرة اخرى لهذه القوة العظمى في القرن الواحد والعشرين».
وبعد 16 عاما على اعتداءات 11 أيلول التي حملت الولايات المتحدة على شن هجوم واسع النطاق في أفغانستان لطرد نظام طالبان الذي كان حاكما في كابول ويؤوي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، تواجه الديموقراطية الهشة التي تدعمها واشنطن في هذا البلد تمردا تشنه حركة طالبان، ما يهدد استقرارها.
وفي بادرة نادرة، اقر ترامب صراحة بتبديل موقفه حيال هذا الملف الشائك فقال في الكلمة التي ألقاها من قاعدة فورت ماير إلى جنوب غرب واشنطن وكانت موضع ترقب شديد «حدسي الأساسي كان الانسحاب ، لكن القرارات تكون مختلفة جدا حين نكون في المكتب البيضاوي».
وأيد ترامب مرارا قبل وصوله إلى البيت الأبيض انسحاب بلاده من افغانستان وكتب على تويتر في كانون الثاني 2013 «لنغادر افغانستان» مضيفا «قواتنا تتعرض للقتل بيد افغان تولينا تدريبهم ونحن نهدر المليارات هناك. هذا عبث. يجب اعادة اعمار الولايات المتحدة».
وقال مسؤول أميركي كبير إن ترامب أعطى الضوء الأخضر للبنتاغون من أجل نشر تعزيزات يصل عديدها غلى 3900 جندي إضافي.
وإن كانت هذه التعزيزات متواضعة بعدما وصل عديد القوات الأميركية المنتشرة في افغانستان إلى مئة الف جندي قبل سبع سنوات، إلا أنها تشير إلى تغيير في التوجه المسجل في السنوات الأخيرة.
من جهته، أعلن وزير الدفاع جيم ماتيس على الفور أنه سيتشاور مع الامين العام للحلف الاطلسي والدول الحليفة، مؤكدا أن العديد منها تعهد بزيادة عديد قواته في أفغانستان.
وينتشر حاليا حوالى 8400 جندي أميركي في أفغانستان في إطار قوة دولية تعد بالإجمال 13500 عنصر وتقوم بصورة أساسية بتقديم المشورة لقوات الدفاع الأفغانية.
وفي سياق عرضه استراتيجيته بشأن أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها، وجه ترامب تحذيرا شديد اللهجة إلى إسلام اباد التي اتهمها بأنها قاعدة خلفية لحركة طالبان.
وقال «إن باكستان ستكسب الكثير إن تعاونت مع جهودنا في افغانستان. وستخسر كثيراً إذا واصلت إيواء مجرمين وإرهابيين» مضيفا «يجب أن يتغير هذا، وسيتغير على الفور».
وكان الجيش الباكستاني استبق خطاب ترامب مترقبا أن تشدد واشنطن اللهجة من جديد، فأكد قبل ساعات من عرض الاستراتيجية الأميركية أن باكستان لن تؤوي «اي بنية تحتية لأي منظمة ارهابية».
وعلقت وزارة الدفاع الأميركية الشهر الماضي مساعدات عسكرية بقيمة 50 مليون دولار لباكستان، معتبرة أن إسلام اباد لا تبذل جهودا كافية لمكافحة شبكة حقاني المتحالفة مع حركة طالبان الأفغانية.
ولطالما اعتبر هذا التنظيم الناشط في المنطقة القبلية على الحدود بين باكستان وافغانستان على ارتباط بأجهزة الاستخبارات الباكستانية.
غير أن الرئيس الأميركي الـ45 وجه تحذيرا أيضا إلى نظام كابول مؤكدا «التزامنا ليس غير محدود، ودعمنا ليس شيكا على بياض».
وقال في الخطاب الذي أتاح له الوقوف وقفة رئاسية بعد اسبوعين من الفوضى ألحقا ضررا بالغا بصورته، إن «الأميركيين يريدون إصلاحات حقيقية ونتائج حقيقية».
من جهة ثانية، ترك ترامب الباب مفتوحاً على إمكان إجراء حوار مع بعض من عناصر حركة طالبان.
وقال «في وقت من الأوقات، وبعد جهد عسكري ناجح، ربما يكون من الممكن إيجاد حل سياسي يشمل جزءاً من طالبان أفغانستان». وتابع «لكن لا أحد يعلم ما إذا كان هذا سيحصل ومتى» قد يتحقق.
وأوضح وزير الخارجية ريكس تيلرسون بعد قليل أن الولايات المتحدة «مستعدة لدعم محادثات سلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان بلا شروط مسبقة».
من جهتها نددت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي بخطاب اعتبرته غير واضح وقالت إن ترامب «أعلن عن التزام غير محدود لأرواح أميركية بدون أي محاسبة من الشعب الأميركي» مضيفة «الرئيس ترامب يقول إنه لن يكون هناك سقف لعديد القوات ولا جدول زمني للانسحاب».
وكان هذا أول إعلان رئاسي منذ مغادرة مستشار ترامب للاستراتيجية المثير للجدل ستيف بانون الجمعة الماضي. وكان بانون حامل راية «اميركا اولا» والمدافع عن خط انعزالي متشدد، يعارض نشر جنود اضافيين في المنطقة.