تحدث يوم الجمعة الماضي ممثل المرجعية الدينية في كربلاء السيد احمد الصافي عن المعاناة الحقيقية لشرائح مختلفة من المجتمع العراقي في عدد من المؤسسات الحكومية ونبه الى شيوع ظاهرة اجتماعية في العراق تتمثل بابتعاد الكثير من المسؤولين والموظفين القائمين على خدمة الناس عن الرأفة والاحترام والرحمة في تعاملهم وضرب مثلين عن ذلك: أحدهما عن معاناة آلاف المتقاعدين في ترويج معاملاتهم في دائرة التقاعد وسوء معاملتهم ، والآخر: عن عدم الالتزام بتوقيتات الطيران في المطارات العراقية.
ولربما لم يخطئ السيد الصافي في اختياره لهذا الموضوع والاشارة اليه في خطبة الجمعة داخل الحرم الحسيني فكثير من المسؤولين في العراق واتساقا مع الفشل السياسي المريع في تسويق مشروع الدولة الذي تحدث عنه الدستور العراقي وفصل فيه الحقوق والواجبات كثيرا من هؤلاء مارسوا الخداع والكذب والتضليل في عرض برامجهم الانتخابية، ولطالما خدعوا الناس باختيارهم شعارات حملت عناوين رنانة مغلفة بمفاهيم الرحمة والعطف والمساعدة والتبشير بعهد جديد تنزاح فيه كل مظاهر الظلم وتحل فيه الدولة العادلة.
وبعد مرور أربعة عشر عاما لم تعد تنطلي امام المواطن العراقي مثل هذه الشعارات ومثل هذه الاحاديث والتصريحات قبل وفي أثناء وبعد الحملات الانتخابية مع ابتعاد هؤلاء المسؤولين بشتى درجاتهم وعناوينهم عن الهموم الانسانية والوطنية لملايين العراقين ومع تكشف الانحدار والزيف والخذلان في تعامل من استوزروا وائتمنوا على مقدرات الدولة وخلافا لجوهر ومضمون التشريعات والقوانين التي تتحدث عن ان الوظيفة في الدولة هي تكليف شرعي وقانوني لتقديم الخدمة للمواطن يتصرف آلاف المسؤولين والموظفين مع هذا التكليف على انه تمليك وتسليط واستعلاء وتحكم ويمنون بعملهم في تلبية حاجات الناس ويعمد بعضهم الى ممارسة الرشوة والمحسوبية والمنسوبية في ترويج المعاملات، وبات الكثير من المواطنين يشعرون بالاهانة والذل عند توجههم الى مؤسسات ودوائر حكومية لما وجدوه في مراجعات سابقة من مشاهد لاتنتمي الى الوطنية والانسانية ومع اقتراب الانتخابات التشريعية والمحلية من موعدها سيكون من المفيد تذكير هؤلاء الذين يريدون الوصول باصوات الملايين الى مقاعد السلطة التنفيذية والتشريعية بان كسب القلوب هو اقصر الطرق لكسب الاصوات وان حبل الكذب في العراق قد انقطع وان تكرار الخداع والتضليل ينذر بهزيمة ساحقة وفشل متوقع.
د.علي شمخي
تكليف لا تمليك !
التعليقات مغلقة