تيمنا ً و إلتزاما ً بالحديث الشريف « أنا و كافل اليتيم كهاتين في الجنة « مشيرا ً إلى أصبعيه السبابة و الوسطى , انتهج آباؤنا و أجدادنا هذا النهج , فغالبا ً ما كان هناك بيت فيه شخص ٌ تعرف في طفولتك بأنه أخوك و عندما تكبر و تتضح لك الحقائق تعرف مدى النبل و الكرم الذي تحلى به أبوك و عائلتك في كفالتهم له .
هذا ما كان سائدا ً قبل أن تكون هناك دول ٌ و ولايات قامت فيها مؤسسات رعاية إجتماعية لمثل هذه الشريحة من المجتمع , وقبل أن تسن قوانين تلزم الدولة فيها نفسها بالدور الأكبر في هذه الكفالة و الرعاية . الأمر الذي تطور بمرور الزمان ليشهد إهتماما ً أكثر حتى من قبل المنظمات الدولية وسببه عائد لتزايد أعداد و مكونات هذه الشريحة نتيجة للحربين الكونيتين تجسد باتفاقيات دولية أشرفت على بعضها منظمة الأمم المتحدة تحت عنوان رعاية الطفولة والتي تنضوي تحت بنودها حقوق الأيتام كجزء من حقوق الأطفال بصفة عامة.
اتفاقية حقوق الطفل هي ميثاق دولي يحدد حقوق الأطفال المدنية، السياسية، الاقتصادية والثقافية وقد صادقت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الاتفاقية بنحو كامل أو جزئي. والتي بدورها وافقت جمعيتها العامة على إدراج الاتفاقية من ضمن القانون الدولي في 20 تشرين الثاني / نوفمبر 1989؛ وقد دخلت حيّز التنفيذ في 2 أيلول / سبتمبر 1990، بعد أن صدّقت عليها الدول الموقّعة . تراقب تنفيذ الاتفاقية لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة المكونة من أعضاء من شتى دول العالم. تعترف الاتفاقية أن لكل طفل حقوقا أساسية، تتضمّن الحق في الحياة، الحق في الحصول على اسم وجنسية، الحق في تلقي الرعاية من والديه والحفاظ على صلة معهما حتى لو كانا منفصلين.
في العراق يعد قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل النافذ خطوة متقدمة تحدد إلتزامات الدولة تجاه هذه الشريحة خصوصا ً بعد تزايد أعدادها أثر الإقتتال الطائفي و القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي لكن يبقى التساؤل الكبير ما الذي و إلى متى ستستطيع الدولة في ظرفنا الحالي و هي المتعبة إثر الحروب الطاحنة التي تخوضها في كل يوم ضد الإرهاب أن تستمر في تنفيذ ما يتوجب عليها في ظل بنود هذا القانون والإتفاقية الدولية التي صادقت عليها؟ هذا الأمر سيدفعنا للإشادة بدور الناشط المجتمعي الأخ « هشام الذهبي « في كل خطواته و الدعوة لعدّه قدوة لكل الميسورين و المقتدرين ماديا ً من دعاة التدين و التأسلم للحذو حذوه في إحتضان أعداد معينة من هؤلاء و كذلك منظمات المجتمع المدني و المؤسسة الدينية بوقفيها السني و الشيعي و اللتان تحتكمان على و تديران مبالغ تقدر بالمليارات تستثمر معظمها في واجهات لا تجدي نفعا ً أمام الحاجات المتزايدة لهذه الشريحة و التي تثقل اليوم كاهل الدولة و ميزانيتها المتعبة بسبب الفساد المالي و الإداري الأمر سيرفع عن كاهلها هذا العبء و في الوقت نفسه يعطي الدليل الناصع على أن هذه المؤسسات تلتزم فعلا ً بالحديث الشريف بوصفه نبراسا ً و أساسا ً للتقرب إلى الله. يتضح هنا و بنحو جلي أن موضوعة كفالة اليتيم تعد مسؤولية إجتماعية اليوم و كما كانت من قبل , أكبر منها أن تكون مسؤولية دولة .
كفالة اليتيم.. مسؤولية دولة أم مجتمع؟
التعليقات مغلقة