أشهر المعاهدات التي عقدتها بغداد في زمن الدولة العباسية

طارق حرب
ان اشهر المعاهدات اي الاتفاقيات التي عقدتها بغداد في زمن الدولة العباسية وكما نشرها القلقشندي في كتابه صبح الاعشا ويلاحظ ان هذه المعاهدة تم عقدها زمن الخليفة العباسي الطائع لله العباسي وقد تولى كتابة هذه الاتفاقية من قبل كاتب مشهور في الدولة العباسية هو ابو اسحاق الصابي حيث كان كاتباً في زمن حكم هذا الخليفة الذي حكم بغداد من ٣٦٣ هجرية الى ٣٨١ هجرية ، وقد رعيت الشروط الخاصة في عقد المعاهدات في هذه الأيام فمثلاً ذكر في بداية المعاهدة ان الكاتب كتب بالنيابة عن صمام الدولة بأمر من الخليفة الطائع الخليفة العباسي ذلك ان صمام هذا تولى الملك في بغداد وكان صاحب السلطة الحقيقية بعد وفاة ابيه عضد الدولة عام ٣٧٢ هجرية وهم من البويهيين الذين ابتدأ سيطرتهم من ٣٣٤ الى ٤٦٧ هجرية.
وقد تم عقد هذه المعاهدة مع ملك الروم لوردس بن بينير المعروف بسفلاروس ملك الروم وبشهادة اخيه قسطنطين وابنه ارمانوس بن وردس حيث ذكرت المعاهدة انهم اشهدوا كل واحد منهم على نفوسهم بالرضا به طائعين غير مكرهين ولا مجبرين لا علة بهم من مرض ولا غيره بعد ان قرأه عليهم وفسره لهم وخاطبهم باللغة الرومية من وثق به وفهموا عنه وفقهوا معنى لفظه واحاطوا علما ومعرفة له بعد ان ملكوا نفوسهم وتصرفوا على اختيارهم ويلاحظ دقة هذه المعاهدة بالتأكيد على حرية عقدها ومعرفة احكامها وجريا على عادة المعاهدات في هذه الايام تم تحديد تاريخ المعاهدة وعدد نسخها حيث ورد في نهايتها انها تم عقدها في شهر شعبان من عام ستة وسبعين وثلاثمائة اي سنة ٩٨٦ ميلادية وكتبت المعاهدة على ثلاث نسخ متساويات خُلّدت اثنتان منها بدواوين مدينة السلام اي لدى حكومة بغداد وسلمت الثالثة الى وردس بن بينير ملك الروم واخيه وابنه.
وقد ذُكر في بداية المعاهدة بأن يكون اي ملك الروم ولياً لوليهم وعدوا لعدوهم وسلما لسلمهم وحربا لحربهم وان يكون موقف الملك هذا تجاه جميع الناس على اختلاف احوالهم واديانهم واجناسهم واجيالهم ومغارهم واوطانهم وتستمر المعاهدة بذكر التزامات الملك فتقول – فلا تصالح لنا ضدا مباينا ولا تواطئ علينا عدوا مخالفا فلا تَطرُق الثغور والاعمال التي في ايدينا وايدي الداخلين في طاعتنا فلا تجهز جيشا ولا تحاول لها غزوا ولا تبدأ اهلها بمنازعة ولا تشرع لهم في مقارعة ولا تناولهم بمكيدة ظاهرة ولا باطنة ولا تقابلهم بأذية جلية ولا خفية- وتستمر المعاهدة بذكر التزامات ملك الروم تجاه الدولة العباسية من وجوب تسليمه سبعة من الحصون وتمت كتابة اسم الحصون التي يجب تسليمها وبعد ذلك تنتقل المعاهدة الى ذكر التزامات الدولة العباسية تجاه ملك الروم بتنفيذ الدولة للالتزامات التي اشترطها لصالحه مقابل الالتزامات التي التزم بها .
حيث تذكر المعاهدة:- واشترطت علينا بعد الذي شرطته من ذلك التخلية عن طريقك وطريق من تضمنته جملتك واشتملت عليه رفقتك من طبقات الاصحاب والاتباع في جميع اعمالنا ولا نؤثر عليك احدا ناؤك في اعمالك ونازع سلطان بلادك ودافعك وناصبك العداوة من سائر الامم المضادة لك ولا نوقع معه صلحًا عليك ولا موافقة على ما يعود بثلمك او قدح في امرك ولا رسالة مراسل فيما خالف شرائط هذا الكتاب او إعلال وثيقة من وثائقه اي لا تقبل الدولة العباسية ما يخالف هذه المعاهدة وتمضي المعاهدة فتقول ومتى وفد الينا احد من اضدادك راغبا في شيء يخالف ما انعقد بيننا وبينك امتنعنا من اجابته وتذكر الالتزام ببقاء اهل الحصون محل المعاهدة في اراضيهم وحفظ اموالهم وسوى ذلك من الواجبات والالتزامات المقررة على الدولة العباسية تجاه دولة الروم وبنحو يوافق المعاهدات في زمننا الحالي وكأنها عقدت هذه الايام وهكذا كانت الحضارة والرقي في بغداد قبل اكثر من الف سنة .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة