هل الجزيرة منبر للحريات أم بؤرة لترويج العنف والإرهاب؟

بارزان الشيخ عثمان
كاتب من إقليم كردستان
في تصريح له لصحيفة دير شبيغل الألمانية، قال سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، سفير قطر في ألمانيا: «إن دولة قطر لن تضحّي بأي حال من الأحوال بحرية الرأي والصحافة، وأن مثل هذه الخطوة لا تتناسب مع القرن الـ21».
التصريح جاء نتيجة للتوتر والخلاف الذي نشأ بين الدولة القطرية والدول الخليجية الثلاث (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ) فضلا عن جمهورية مصر العربية التي تطالب دولة قطر بحزمة من الالتزامات الموسومة (بقائمة المطالب) مقابل تطبيع العلاقات معها ومن ضمنها تحسين سلوك قناة الجزيرة.
لست بصدد الدخول في تفاصيل الأزمة لان تلك الدول كسائر الدول الأخرى تبحث عن مصالحها التي تارة تتقاطع وتتشابك وتارة أخرى تتقارب وتتصالح مع بعضها. أما النقطة التي تساورني والتي أركز عليها هي هل صحيح أن قناة الجزيرة القطرية هي القناة التي تدافع عن الحريات والمفاهيم الديمقراطية ولاسيما في بلدان الشرق الأوسط بل وحتى البلدان الآسيوية لكي توحي للعالم بانها اصبحت جزءاً من المنبر الحر، فهل تستحق كل هذه الحماسة للدفاع عنها؟.
السفير القطري له الحق وله كامل الحرية كيف ومتى وأين يدافع عن قناتهم المشبوهة والتي تمولها الإمارة القطرية مباشرة ومن قبل اجهزة المخابرات في المنطقة وحتى العالمية لتنفيذ وتحقيق مآربها المختلفة والتي نحن هنا لسنا بصدد تعدادها وتقييمها.
أما نحن أهل الكتابة والصحافة المسؤولة بعيدا عن كل التجاذبات والتأثيرات السياسية نرى إن تقليم أظافر وتحجيم هذه القناة إن لم يكن النيل من صمتها خطوة مهمة وفعالة نحو اعادة ترسيم و تصحيح المسار الأعلامي الحر من خلال تطبيق حرية التعبير ومفهوم حرية الضمير، لأن الجزيرة القطرية تخدم سياسة وخطط الدولة القطرية بكل حذافيرها وهي من زرع فتنة الإرهاب في المنطقة و تسعى للحيلولة دون تقوية دعائم الديمقراطية في دول حديثة العهد في نشأتها الديمقراطية وتقويض خطواتها نحو دمقرطة مؤسساتها كالعراق مثلا ،حيث تسعى الى ايصال جميع المفاهيم والمبادئ الحقيقية للحريات إلى المتلقي بصورة مشوهة وبالشكل الذي تريد الإمارة القطرية تسويقها وهي ترويج الفكر التكفيري والدفاع عنه من خلال استغلال الرأي الحر وفرض الإرهاب الفكري والإرهاب الإسلامي الإخواني.
‎إن الجزيرة عملت من خلال ماكنتها الإعلامية على غض النظر عما يدور في الدولة القطرية من قمع وسلب للحريات السياسية وبالأخص حريات المرأة التي لا حول لها ولا قوة وهي تعاني من الاضطهاد والقسوة اضافة الى حرمانها من قيادة السيارة لا بل خططت الجزيرة أن تروج للحجاب وترسيخ فكرته حيث جاءت بأجمل الاعلاميات و استبدلت مظهرهن من خلال التحجب بالطريقة القطرية و حتى السعودية .
سعادة السفير القطري عندما يذكر بإن إمارته لن تضحي بأي حال من الأحوال بالجزيرة! فإنه يقصد إن القناة تنفذ خططهم لترويج الفكر الإرهابي والشوفيني وتخلق الفوضى لأنها ترى إن هذا النمط الإعلامي يخدم مصالحها ويثبت مكانة الإمارة الصغيرة الغنية ويجعلها قادرة على أن تستفز الآخرين و تخضعهم لمآربها ، و ليس لمطالبة تغير النمط السياسي و اشاعة الديمقراطية و التعددية في امارته .
قناة الجزيرة لم تأت بشيء جديد، إنما ظهرت وجاءت بنمط غير مسبوق من العمل الإعلامي والذي يسعى لمناهضة الحريات والديمقراطية ونشر الإرهاب الفكري والإرهاب الإسلامي والتكفيري في منطقتنا من خلال الساحة الديمقراطية نفسها، ومثلما يقول الإعلامي الكردي الدكتور بهات حسيب القرةداغي جاءت الجزيرة بأسوأ تجربة إعلامية بعد الحرب الباردة والآن تعاني شعوب المنطقة من آثارها السلبية التي أظهرتها هذه القناة التي لا تتناسب توجهاتها ورسالتها التدميرية مع القرن ال٢١.
لذلك على العالم المتحضر والمنظمات الصحافية المحلية والعالمية أعادة النظر في أهلية وحرفية هذه القناة في العمل ضمن هذه الساحة للديمقراطية العظيمة وتصحيح مسارها واخذ زمام المبادرة لسحبها من الدول الخليجية الثلاث صاحبة السياسات والخطط التي تستحق المساءلة أصلاً.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة