الشرخ والتوتر الموجود بين الأطراف الكردستانية يزداد عمقاً
السليمانية ـ عباس كاريزي:
مازالت ردود الفعل المعارضة والمتحفظة على تحديد موعد 25 من ايلول المقبل لاجراء الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان تتوالى، فبين رافض لآلية العملية وآخر مطالب باتباع سياقات قانونية وتطبيع الاوضاع السياسية، قبيل الذهاب الى هكذا قرار متسرع، حذر نواب عن محافظة كركوك، من مغبة اجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها من دون دراسة وتنسيق مسبق مع مكونات المدينة.
ففي حين قال رئيس الاقليم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في احدث تصريح، إن التصويت سيحدد مصير كركوك، «أيا كان قرار سكان كركوك في الاستفتاء فينبغي احترام قرارهم»، حذر عضو مجلس النواب شوان داودي وهو نائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك في حديث للصباح الجديد من تداعيات خطيرة قد يخلفها الاصرار على اجراء الاستفتاء في كركوك والمناطق المتنازع عليها.
واضاف داودي ان تحديد موعد الاستفتاء قسم الشارع الكردي الى جبهتين احداهما تدعم ب (نعم) والاخرى ترفض ب(لا)، تتعامل كلا الجبهيتن بنحو غير واقعي مع هذه القضية الوطنية الحساسة، ما وضع الاقليم امام مفترق طرق ضيق، يتبادل الجانبان خلاله التهم بالفساد والخيانة.
وقال اذا كان الاستفتاء مهما للاقليم فانه اكثر اهمية لتلك المناطق، واذا كانت خطورته محدودة على الاقليم، فان مخاطره تتضاعف على المناطق المتنازع عليها، لذا يجب ان يكون قرار اجراء الاستفتاء في تلك المناطق مدروساً واضحًا تجاه مشاركة تلك المناطق من عدمه، لافتا الى ان اشتراط الاتحاد الوطني على مشاركة تلك المناطق في الاستفتاء نابع من ايمانه بكردستانية تلك المناطق وضرورة ابدائها الرأي في أية قضايا مصيرية تخص الاقليم، واضاف ان مشاركة تلك المناطق يجب ان يكون مقروناً بضمان نجاح الاستفتاء فيها، وهو ما سيكون ضمانه صعباً في ظل عدم اجراء اية استعدادات لذلك، وعلى ضوء المعطيات والواقع الراهن فان احتمالات الفشل اكثر من النجاح.
واردف داودي ان الاحصاءات وارقام وزارة التجارة تقول ان الكرد يمثلون (52%) من حجم السكان فيما تبلغ نسب العرب والتركمان والمسيحيين ال (48%) المتبقية من حجم السكان في المحافظة، موضحا ان مقاطعة المكونات الاخرى وعدم مشاركة (3%) من الكرد او عدم تصويتهم لصالح الاستفتاء، سيؤدي الى فشل العملية برمتها في تلك المناطق، واردف ان الخطورة الكبرى تكمن في ان عدم نجاح الاستفتاء في تلك المناطق يعني خسارتها الى الابد.
وكان رئيس اقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود بارزاني قد قال في احدث تصريح له اول امس الخميس، إنه لا عودة عن مساعي إقامة دولة كردية مستقلة لكنه سيسعى لتحقيق ذلك عبر الحوار مع بغداد والقوى الإقليمية لتجنب الوقوع في الصراع.
وتابع بارزاني في مقابلة مع وكالة انباء رويترز إن الجدول الزمني للاستقلال بعد الاستفتاء الذي سيجرى يوم 25 سبتمبر أيلول «مرن لكنه ليس بلا حدود» متوقعا ان يتم التصويت بنعم في الاستفتاء، مؤكدا على إن المفاوضات مع بغداد والدول المجاورة والقوى الدولية ستبدأ على الفور بعد التصويت بهدف التوصل إلى اتفاق ودي.
وقلل بارزاني من التكهنات بأن الاستفتاء سيؤدي للعنف قائلا «شرعية الناس أكبر من شرعية أي أحزاب سياسية أو أي تدخلات خارجية».
وتابع قوله «لا أعتقد أن بوسع أي شخص أن يقف في وجه الموجة الكبيرة لشعب كردستان عندما يقرر مصيره. ربما ستكون هناك بعض المحاولات لإحباط الأمر… سنبذل كل ما في وسعنا لعدم السماح بذلك».
وذكر أنه على استعداد لتهدئة المخاوف الأمنية للعراق وتركيا وإيران قائلا إن تأجيل الاستقلال سيؤدي في حقيقة الأمر إلى مزيد من عدم الاستقرار، «نريد أن نبدد أي احتمال لإراقة الدماء في المستقبل».
الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الاسلامي اكدا في اجتماع عقداه الخميس بمحافظة السليمانية ان الحديث عن اجراء الاستفتاء وترسيخ العملية الديمقراطية يجب ان يقترن باعادة تفعيل البرلمان كمؤسسة شرعية منتخبة في الاقليم، مجددين تمسكها بضرورة تفعيل البرلمان قبيل الذهاب الى اجراء الاستفتاء.
من جهتها عدت كتلة حركة التغيير في مجلس النواب الاستفتاء قرارا حزبياً لا يرتقي لطموح شعب كردستان، وذكرت رئيسة الكتلة سروة عبدالواحد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وفد الكرد الفيليين ان استفتاء كردستان استفتاء حزبي، لايمثل طموح الشعب الكردي بالكامل لانه لم يأت عبر المؤسسات الشرعية الوطنية، وفي مقدمتها برلمان كردستان.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال وفي احدث تصريح له ان الاستفتاء المقرر اجراؤه في اقليم كردستان اجراء غير صحيح، فيما شدد على ان الاقليم سيندم على ذلك. وقال أردوغان في حوار مع قناة فرانس 24، الخميس 6 تموز 2017، انه لا يعتقد بأن الاستفتاء اجراء صحيح، مشيرا الى ان تبادل الرأي مع حكومة اقليم كردستان بهذا الصدد، لافتا الى ان حكومة الاقليم لو قامت بهذا الاستفتاء فإنها ستندم على ذلك.
وفي سياق ردود الفعل تجاه مسألة الاستفتاء ردت اوساط سياسية وشعبية ودينية على تصريحات رئيس فرع دهوك لاتحاد علماء الدين الكردستاني الملا احسان الريكاني، الذي قال أن من يعارض استفتاء بارزاني خائن وعليه الرحيل من هذا البلد.
وقال ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ان اراء الريكاني وغيره من المروجين لمسألة الاستفتاء مدفوعة الثمن، وهي تصب في صالح خدمة اجندات سياسية لبعض الاحزاب والهاء المواطنين عن الازمات والمشكلات المتراكمة التي يعاني منها الاقليم جراء الفساد المستشري والهيمنة والاستحواذ على ثروات الشعب والتلاعب بمقدراته.