ثقافة سيئة..

لم تقصر الاحزاب الحاكمة في العراق من فرض سلوكياتها وطبائعها ونهجها المريض على مركز العاصمة بغداد ولم تكتف بممارسة هوايتها في مسخ الديمقراطية وسلب روحها عبر اصرارها على المضي في نهج المحاصصة وتفضيله على ماسواه من اشكال الادارة لمؤسسات الدولة بل سعت لشيوع مثل هذه الممارسات على مجالس المحافظات والمجالس المحلية في الاقضية والنواحي وباتت مشاهد الصراع والاستئثار على المناصب فيها مشاهد حقيقية لاغنى عنها لقادة هذه الاحزاب وخلال اكثر من دورة انتخابية لم يجن المواطن البسيط في محافظات العراق من هذه المجالس سوى اثارة الخلافات وتبادل الاتهامات بالفساد والتخوين والمناكفات بين الاعضاء المتحالفين داخل هذه المجالس وتسببت مظاهر المحاصصة واقتسام المناصب والامتيازات في تبديد وضياع ملايين الدولارات التي كانت تخصص في الميزانية الاتحادية مثلما اسهمت في تراجع المستوى الخدمي وتدهور البنى التحتية لهذه المدن وليس غريبا مانشاهده هذه الايام من على القنوات القضائية ووسائل الاعلام الاخرى من تنابز وشتائم بين اقطاب الاحزاب والكتل السياسية وثقافة الضمر والتآمر في سبيل الايقاع بكل طرف وتقديم الملفات الى هيئة النزاهة من اجل تصفية الخلافات السياسية من دون ان تفكر هذه الاحزاب والكنل وزعماؤها في حال هذه المحافظات واهلها الذين انتظروا سنين طوالا من اجل ان يروا ملامح التغيير في واقعهم وتلبية حاجاتهم الاساسية المتمثلة في تطوير الخدمات والشروع بمشاريع الاعمار واصلاح الخراب الذي يحيط بكل جوانب الحياة هناك واذا كان هناك من يقترح حلولا جذرية لهذه الازمة المتفاقمة في مدن العراق في الشمال والوسط والجنوب فان في مقدمة هذه الحلول هو السعي لاقرار تعديلات جديدة في انتخابات مجالس المحافظات وفي صلاحياتها واعادة النظر بملف نقل الصلاحيات من المركز وتوزيعها على دوائر المحافظة بما يتيح السيطرة على موارد الدولة الاتحادية وبما يسد منافذ الفساد ويمنع تبذير الاموال ويتيح لابناء هذ المحافظات في المشاركة الفعلية في خطط الاعمار وقد آن الاوان لتكف الاحزاب السياسية عن سطوتها في ادارة المؤسسات ونشاطاتها وترفع يدها عن التحكم في قرارات اعضاء مجالسها والتوقف عن نقل تجربة فاشلة وثقافة سيئة مورست في اعلى هرم السلطة طوال اكثر من ثلاثة عشر عاما ويراد لها ان تشيع وتمتد في مدن العراق الاخرى.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة