أزمة الخليج مع قطر تشكل تحدياً للولايات المتحدة

في ظل انتهاء المهلة الممنوحة للدوحة من قبل الدول المقاطعة
سايمون هندرسون

يبدو أن القائمة التي تضم ثلاثة عشر مطلباً والتي يتوجّب على قطر الإجابة عليها تعكس رغبات طال أمدها من قبل الرياض وأبو ظبي، لكن الدوحة رفضتها [حتى الآن] -. بيد من الصعب فهم الكيفية التي تمت بموجبها صياغة هذه القائمة التي تهدف إلى التوصل إلى حل بدلاً من تقويض كامل للدبلوماسية. ويبدو أن هناك القليل الذي تستطيع أن تفعله الدوحة لحفظ ماء الوجه. ولعل القائمة تعكس افتتاحية لسيل من المطالب تهدف إلى إجراء مفاوضات سريعة، ولكن الشرط الأساسي للاتفاق على جميع النقاط يشير إلى خلاف ذلك.
يتعيّن على قطر:
• تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إيران. ولن يُسمح إلا بالتعاون التجاري بما لا يخل بالعقوبات المفروضة دولياً وأميركياً على إيران.
• الإعلان أن جماعة «الإخوان المسلمين» وتنظيم «الدولة الإسلامية» وتنظيم «القاعدة» و«حزب الله» اللبناني منظمات إرهابية، وقطْعْ جميع العلاقات معها.
• إغلاق قناة “الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام المرتبطة بقطر.
• إنهاء الوجود العسكري التركي في البلاد ووقف التعاون العسكري المشترك.
• إيقاف كافة أشكال التمويل لأي أفراد أو كيانات أو منظمات تم تصنيفها على أنها إرهابية من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين والولايات المتحدة ودول أخرى.
• تسليم كافة العناصر الإرهابية المطلوبة لدى السعودية والإمارات ومصر والبحرين إلى بلدانهم الأصلية وتجميد أصولهم.
• إنهاء التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة.
• وقف جميع الاتصالات مع المعارضة السياسية في السعودية والإمارات ومصر والبحرين.
• جبر الضرر ودفع التعويضات عن عواقب سياسات قطر في السنوات الأخيرة.
• الانسجام مع محيطها الخليجي والعربي على الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية.
• الموافقة على كافة هذه المطالب في غضون عشرة أيام وإلّا تعتبر القائمة لاغية.
• الموافقة على إعداد تقرير متابعة دورية مرة كل شهر خلال السنة الأولى [ومرة كل ثلاثة أشهر خلال السنة الثانية، ومرة كل ستة أشهر خلال السنة الثالثة ومرة كل سنة لمدة عشر سنوات].
ولا تعبّر القائمة في الكثير من كلماتها عن دعوة لتغيير النظام في قطر، بل إلى تغيير السياسات. ومع ذلك، فمن المرجح أن تنظر إليها الدوحة على أنها وسيلة ضغط لخلع الأمير تميم بن حمد آل ثاني ووالده حمد بن خليفة، المعروف باسم “الأمير الوالد” وما زال يُنظر إليه، وخاصة من قبل دولة الإمارات، على أنه القوة الدافعة وراء العرش منذ تنازله في عام 2013.
ومن السهل شرح الدور البارز في المواجھة التي تقوم بها أربعة بلدان – السعودیة والإمارات ومصر والبحرین. فالغضب السعودي على قطر – التي تمنحها احتياطاتها الضخمة من الغاز استقلالاً مالياً عن المملكة – كان قائماً منذ فترة طويلة، بينما استاءت دولة الإمارات من الدعم الذي قدمته قطر إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، التي تآمر أعضاؤها على الأسرة الحاكمة في أبوظبي – الإمارة الرائدة في الاتحاد. كما أطاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظام «الإخوان المسلمين»، الذي بقي في السلطة لمدة عامين، ويرجع ذلك إلى حد كبير بسبب دعمه مالياً من قبل قطر. أما البحرين فقد كان لها تاريخ من النزاعات على الأراضي مع قطر – وبينما تم حل هذه الخلافات في عام 1994، إلا أن الحقد ما زال مستمراً، بتشجيع من الرياض.
ولعل الأمر الغير مناسب بالنسبة لواشنطن، أن هذه المطالب تقصد ربط الولايات المتحدة بالأزمة، وهو الموقف الذي تفاقم بفعل رسائل متضاربة من البيت الأبيض، ووزارتا الدفاع والخارجية الأمريكيتان، وقد لا يؤدي سوى إلى تعقيد حل الأزمة. وهذه الصيغة لا تمنح واشنطن دوراً واضحاً فى أي دبلوماسية، كما أن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون كان قد قال فى وقت سابق أن المطالب يجب ان تكون “معقولة وقابلة للتنفيذ”. ومما يبعث على القلق أيضاً هو الدور الواضح الذي قام به ولي العهد السعودي – الذي تمت ترقيته حديثاً – محمد بن سلمان ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي كان يُنظر إليه حتى الآن على أنه تأثير مقيد على تهوُّر محمد بن سلمان، والذي أظهره التدخل العسكري في اليمن – وتسببت إحدى نتائجه الجانبية إنشاء ملاذات آمنة لتنظيم «القاعدة».
وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما إذا كانت الرياض وأبو ظبي ستفقدان دعم الرأي العام الدولي حول طبيعة المطالب. فبينما اكتسبت قناة “الجزيرة” سمعة راسخة كخدمة إعلامية مثيرة للشغب تبث أخبار صحفية متدنّية، فقد تفكر بعض الدول بأن إنهاء الدعم السعودي للمدارس الدينية في جميع أنحاء العالم – مهما كانت وسائل الإعلام القطرية غير مفيدة – يمكن أن يكون إضافة مفيدة لأي دبلوماسية.
أما الولايات المتحدة، فقد تجد نفسها تحت ضغط متجدد من قبل السعودية والإمارات للتخلي عن استخدامها لـ “قاعدة العديد الجوية” في قطر، التي لعبت دوراً رئيسياً في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.
قد تحتاج واشنطن إلى إجراء بعض المحادثات القاسية، وبسرعة، مع جميع حلفائها الخليجيين، لكي تضمن لنفسها دوراً في الدبلوماسية، وتُخفف من حدة الأزمة وتضع حداً لتصعيدها.

*سايمون هندرسون هو زميل “بيكر” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة