مصرع الحدباء!

بحكم جغرافية العراق المتميزة والمقومات التي يمتلكها من موارد اقتصادية وبشرية جعلته عنصرا اساسيا في تقرير التوازنات في المنطقة ، لما يتمتع به من ميزات جيواستراتيجية كوجود اكبر احتياطي للنفط والاستفادة من مكانته كحلقة وصل ما بين المحيط الهندي والبحر المتوسط ليصبح مركز قوة اقتصادية نسبة للموانئ التجارية اضافة لمركزه الرئيس لتصدير النفط والموارد الاولية من دون ان ننسى بأنه ثاني أغنى بلد في الوطن العربي من حيث الموارد المائية.
لذلك اصبح موضع اهتمام كبير لدى العديد من الدول مما ادى الى تعرضه لمشكلات وصراعات عدة لفترات طويلة وما تزال ، ومن المؤسف ان كل ذلك حصل بدعم من القوى الدولية التي جعلته عرضة للحرب النفسية نتيجة التهديد الذي يلقاه ومركزا مستهدفا بالاخبار الأليمة والصراعات المختلفة التي اثرت سلبا على نموه الاقتصادي الذي يعتمد على الصادرات واغلبها من النفط الخام وكل ذلك مرتبط بالمتغيرات الخارجية.
يمتلك العراق ايضا قاعدة حضارية ثقافية كونه اول بلد قامت على ارضه الحضارات مما شكل عنصرا مهما في تقرير توازن القوى في المنطقة ، لنجد بأن هناك اسئلة تثير الخشية من تفاعلها حول الوضع لا سيما الاحتكاكات والتوترات لتتحول الى انفجار الحساسيات المذهبية والعرقية .
فمدينة الموصل حزينة منذ ان دخلها داعش وحكمها بالحقد الأعمى وألبسها رداء العنف والخوف وذلك لأهميتها الجغرافية والاستراتيجية والاقتصادية والديمغرافية مما جعلها تدفع ثمنا باهظا على مدى سنوات من البشر والحجر لتتحول الى مفاهيم حرب شوارع وحرب عصابات متحركة تعتمد على القوة والانتشار المسلحة ، في حين وصلت أياديهم الغادرة الى هدم ايقونة التاريخ «الحدباء» لتترك حزنا كبيرا في المدينة ،فبرغم شموخها وانحنائها المستغرب وصمودها على مر العصور في وجه الاحداث فجرت بلا رحمة ونزفت معها قلوب العراقيين لما آلت عليه الامور من محو متعمّد للتراث والنقوش والقيم الاثرية في البلاد.
المحاولات جارية للخلاص من داعش من خلال المعارك الشرسة والقوى المنصبة لازاحة هذا الكابوس عن ارض العراق وهذا يلزمه رص للصفوف وتماسك للشعب في مسيرة الوحدة الوطنية والسعي الدؤوب لنهاية مشرفة بعيدة عن الانتقام والاخذ بالطار والطمع بفرض سلطة الترؤس والسيطرة على زمام الحكم من قبل الفئات المسلحة …
من هنا نناشد الدولة بفرض سلطة القانون على الجميع لحماية الشعب الذي عانى الامرين وتعب من الحروب ومن حقه العيش بأمن وسلام .

*كاتبة لبنانية
ايمان عبد الملك

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة