عندما يكون الانتخاب فرضُ عين وليس فرضُ كفاية

عادل اللامي
الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للنتخابات
المدخل لهذا الموضوع هو التعريف لمعنى فرض العين وفرض الكفاية لغةً وشرعاً وهو ان فرض العين: هو الذي يتعين على كل فرد إدائه ولا يُستثنى أحد منه، ولا يجوز أن يقوم به بعض الأفراد من دون غيرهم، أمّا فرض الكفاية: فهو الفرض الذي لا يتعين على الجميع القيام به، بل يكفي أن يؤدّيه بعض الأفراد أو أحدهم حتّى يَسقُط عن الباقين، أمّا إذا لم يؤدّهِ أحد منهم، أُثِموا جميعاً، لأنّ قيام البعض به يكفي لتحقيق الغاية منه.
كثيرة هي مظاهر وظواهر الفساد والفشل والتراجع وهذا ما يصرح به «قادة» العهد الجديد انفسهم دون أدنى تردد أو نكران، آخرهم وقبل بضعة ايام يعترف من على شاشة احدى الفضائيات معترفاً ان نسبة الانجاز 40% الى نسبة عدم الانجاز 60%، طبعاً هو يبالغ بنسبة الانجاز 40% لأن الحقيقة اقل من ذلك بكثير ولكن نتفهم له لكونه احد اعضاء جماعات (عدم الانجاز). لذلك فان التصدي لعديمي الانجاز واشياء اخرى من قبل البعض وليس الكل من ابناء الوطن من خلال وسائل الاعلام وساحات التظاهر يكفي عن تصدي كل ابناء الوطن وكلماً كان عدد المتصدّين اكبر كلّما كان التأثير اسرع واكبر مع ملاحظة ان كثير من مدّعي الوطنية والنزاهة من المتمكنين اعلاميّاً أو من المتاح لهم التعبير بنحو أيسر واسهل مثل بعض اعضاء البرلمان او الاعلاميين او المسؤولين، نراهم صامتين صمت الأنتهازيين الذين يمسكون بالعصا من الوسط لأنهم منتفعين ويعانون من نقص كبير في فيتامين الوطنية والنزاهة والأيثار.
أكثر من 14 عام من الفشل والسرقة والقتول و(عدم الأنجاز)، والمطالبات بالتغيير والاصلاح بكل اشكالها لاتجدي نفعاً امام عديمي الانجاز واشياء أخرى، بل على العكس فهم يتمادون اكثر ويحاولون انتاج انفسهم مرة أخرى دون ادنى اكتراث لتذمر ومطالبات الشعب، وان هؤلاء العديمي الانجاز واشياء اخرى يراهنون على النسب المتدنية من المشاركة في الانتخابات بشتى الوسائل الترغيبية والترهيبية والتزويرية، فمثلا هم يصرّون على ابقاء النظام الانتخابي موقوفاً على مقاساتهم ويصرون على اخضاع مفوضية الانتخابات وطريقة اختيار اعضائها لإراداتهم.
ومن اجل احداث التغيير السريع والمباشرة باصلاح العمليّة السياسية والقضاء على الفساد الاداري والسياسي، فيجب ان يتحول حق الانتخاب الى واجب وان يتحول من فرض كفاية الى فرض عين وعلى جميع اعضاء هيئة الناخبين المسجلين المشاركة بالانتخاب حتى وان كان النظام الانتخابي ظالم وحتى مع عدم وجود الثقة بالجهة المنظمة للانتخابات لسبب بسيط هو ان عديمي الانجاز واشياء اخرى يعوّلون على مقاطعة الانتخابات من قبل الاغلبية الصامتة لكي يستأثرون باصوات ناخبيهم من المنتفعين منهم مثل جيوش الموظفين والعسكريين الذين تم تعيينهم بعد 2003 على اساس الولاء الحزبي وليس على اساس الكفاءة والمهنية.
لذلك يجب ان تكون المشاركة في الانتخابات فرض عين وإلا سَتُمَرّر 14 و14 سنة اخرى من «عدم الانجاز».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة