مع الازدهار الاقتصادي المتجدد في جميع أنحاء القارة
اماندا ايركسون*
ترجمة: حسين محسن
منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تحسن الموقف تجاه المؤسسة في العديد من البلدان، بما في ذلك في بولندا، على سبيل المثال، ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان يقولون إن لديهم رأي إيجابي تجاه الاتحاد الأوروبي. و الأمر كذلك في ألمانيا وأسبانيا. ويقول نصف البريطانيين تقريبا انهم يؤيدون الاتحاد الاوروبي، بمقابل 40 في المئة العام الماضي.
مشروع الاتحاد الأوروبي له شعبية واسعة بين الشباب الأوروبي، حيث تساند المنظمة الأغلبية الساحقة من هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الـ18 و الـ29، و فقط 58 في المائة من الأوروبيين البالغين 50 عاماً أو أكبر يراودهم هذا الشعور، و مناصري مرشحين أكثر من المحافظين لمساندة الإتحاد، و للملاحظة أيضاً فأن اغلبية هؤلاء يقولون أن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي سيكون ذات مردود سيء عليها. و في المقابل أغلبية الأوروبيين يقولون أن أنفصالهم عن الإتحاد سيكون ذات مردود سيء على الإتحاد.
وليس من المستغرب أن اليونانيين (الذين عانوا تحت تدابير التقشف) لديهم رأي أسوأ من رأي الهيئة الحاكمة في اليونان. فقط ثلث البلاد تبدي ثقتها بالإتحاد الأوروبي، و هذه الثقة تتزامن مع الإزدهار الاقتصادي المتجدد في جميع أنحاء القارة، حيث نما اقتصاد منطقة اليورو بنحو ملحوظ في عام 2016، و مازال يستمر بالنمو، حيث انخفضت البطالة الى الحد الأدنى و سرعان ما توفرت فرص العمل.
لكن الإنفصال ليس بخبر جيد لبروكسل، وكما يوضح واضعو تقرير بهذا الشأن، “في حين أن قلة من المواطنين في القارة الأوروبية حريصون على رؤية بلدهم يغادرون الاتحاد الأوروبي، فإن الكثيرين يريدون فرصة سماع صوتهم من خلال استفتاءهم الخاص للحصول على عضوية الإتحاد الأوروبي”. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الإحباط بشأن قضية اللاجئين والإدارة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي. ويريد أكثر من نصف الأوروبيين أيضا أن تكون بلدانهم قادرة على إجراء صفقات تجارية خاصة بها مع بلدان أخرى. وما يقرب من ثلاثة أرباع يريدون بلدانهم للسيطرة على الهجرة المستقبلية من خارج الاتحاد الأوروبي.
و تمثل الهجرة بنحو خاص مشكلة كبيرة للإتحاد الأوروبي. ملايين المهاجرين كانوا قد قدموا إلى أوروبا من سوريا و من شمال أفريقيا خلال العامين الماضيين، و الكثير منهم صنعوا طريقاً لهم عن طريق البحر او عن طريق بري خطر، وفي عام 2015 وصل الملايين من المهاجرين إلى أوروبا، و هي قفزة أعلى من عام 2014، و هذا الأمر أدى إلى رفع القلق حول الجرائم و الأرهاب و التشرد. و الآن، الكثير من الأوروبيين يرغبون بأن تكون كلمة فصل لبلدانهم حول من يستطيع القدوم إلى أوروبا، و من يستطيع البقاء. و أكثر من 80 في المائة من جميع الشعب الهنغاري يقولون أن على حكومتهم أن تتخذ قرارها الخاص حول من يستطيع الهجرة إلى بلادهم و من لا يستطيع. و نحو 77 بالمائة من البولنديين و 75 بالمائة من الفرنسيين و ثلاثة أرباع الالمانيين يوافقون على هذا الأمر. و يشابه ارتفاع هذه الأرقام شكل مشابه في إيطاليا و إسبانيا و اليونان.
كما أن أغلبية البلدان التي شملتها الدراسة الاستقصائية تريد أيضا أن يكون لدى حكوماتها سيطرة أكبر على إحدى الحريات التأسيسية للاتحاد الأوروبي. – حرية تنقل الناس. داخل الإتحاد، حيث في عام 2015، هاجر نحو 1.4 مليون شخص من دولة أوروبية إلى أخرى، و قال معظم الناس انهم يريدون حكوماتهم أن تكون قادرة على وضع حدودها الخاصة من أجل الحد من تنقل المهاجرين بحرية بين الدول الأوروبية.
لكن فكرة إعطاء البلدان مزيدا من الاستقلال الذاتي بشأن الهجرة والتجارة يتناقض مع المهمة الأساسية للاتحاد الأوروبي. وقال جوشوا كول، وهو أستاذ في جامعة ميشيغان في آن أربور “اذا ابتعدوا عن المبدأ نفسه، فان ذلك يشكل ضربة قاسية جدا للمبادئ الأساسية التي يتبناها الاتحاد الاوروبي. واضاف “ان هذا يعني ان المشروع الأوروبي كما كان متصورا اصلا يعاد النظر فيه”. وقال ان التفاوض على الصفقات التجارية بنحو منفصل قد يتعارض ايضا مع السبب الرئيسي للمشروع. وقال “ان الاتحاد الأوروبي يتعلق بأوروبا بوصفها اتحادا. هذا ما يعنيه. ولا يمكن ان تقترح حقا انه من الافضل المضي قدما من اجل ان تتفاوض الدول على صفقاتها الخاصة “. واضاف “اذا كان الامر كذلك فان الاتحاد الاوروبي لا لزوم له”.
كما وجد مسح “بيو” الكراهية على نطاق واسع تجاه الأحزاب السياسية في البلدان التي شملها الاستطلاع. وكما كتب القائمين بالاستطلاع :
لا يتمتع سوى عدد قليل من الأحزاب السياسية في أوروبا بشعبية واسعة النطاق. و هناك أحزاب قليلة تحافظ على شعبيتها بين صفوف الشعوب، و الأحزاب الأكثر كرها من قبل الشعب الاوروبي تميل إلى أن تكون ضد مبادئ الاتحاد الأوروبي و تتمثل في دول أوروبا الغربية التي لم تعاني كثيرا من الناحية الاقتصادية في السنوات التي تلت أزمة اليورو. إن التعاطف مع الأحزاب اليمينية محدود جداً في كثير من الأحيان، و في أي بلد شمله الاستطلاع لا يوجد أكثر من نحو ربع السكان البالغين يساندون الأحزاب اليمينية.
*عن الواشنطن بوست