براءة الطفولة بجمالية الصورة

في هذه الصورة الفوتوغرافية عدة عناصر البساطة –التكوين –الفضاء- الكتلة- اللون والتي تتضمن (6) أطفال -4- من الجالسين على دكة الباب تتضح ملامح منهم بدقة متناهية ورابعهم تختفي ملامحه فقط يُرى الشعر الجبين العينين ،ويقف خلفهما (2) مع باب تراثي لبيت تآكل جدرانه .. دلالات كثيرة لكل من يقرأ المضمون ،وتأويله حسب الرؤى التي ينطلق منها ،فهي إشارات إلى التآلف بين الجيران.. وبراءة الطفولة.. وتجمع الأخوة .. وبساطة الحياة ، والتحليل الجمالي لعدسة المصور وتشكيل الصورة بهذه الجمالية يُحيلنا إلى مهارة المصور بتوظيف الإمكانيات التقنية لآلة التصوير بفضاء الصورة الواسع ، الإيحاءات والدلالات العميقة الإنسانية ،وهي تؤرشف الحياة الاجتماعية بالسكينة والهدوء والتأمل .، وبقدر ما توحي إلى أنها لوحة تشكيلية لرسام يتسم بتقنية ماهرة ، ببعدها التشكيلي المتمثل بالأزقة القديمة التي تحيلنا لقرن مضى، قبل استحداث التكنلوجيا والمعمار والطراز للبيوتات الحديثة بهندستها ،وسعتها ، وحدائقها، وبلا ألعاب تكنلوجية بأيدي هؤلاء الصبية ..فنادراً ما نجد اليوم بحياتنا المعاصرة أي طفل إلا والألعاب ترافقه ، من جهاز الآي باد والموبايل والألعاب الالكترونية .. صورة فوتوغرافية تجعل الحنين إلى الألفة والبساطة التي تفتقدها الحياة المعاصرة ،لاريب إنها تحمل بدلالتها الفاقة فأبناء الطبقة الأرستقراطية من تجار وساسة لهم البيوتات الحديثة ،الفارهة و المجهزة بكل متطلبات الحياة .
برّع المصور في التقاط تلك الصورة فقد اهتم من خلال زوايا التصوير، بالضوء والظل، ودقة الوضوح فنرى حتى –خط المولد- للكهرباء ،وأبعاد موضوع الصورة، ومركز الاهتمام إذا جاز لي التعبير كقارئ لتلك الصورة –بؤرة الصورة- تحيلنا لكفاءة من التقطها ،الأبعاد، المساحة ، الدقة ، وقياسها، التكامل، الانسجام ،التناسق،العمق شكلت تلك الرؤيا الجمالية في هذه الصورة الفوتوغرافية والتكوين الفوتوغرافي الذي شكل للرائي الإحساس بدفء تلك العلاقات الاجتماعية مع براءة الطفولة .. فقد وزع التكوين بجمالية حققت بؤرة بصرية تركز على جوانب مهما في مجمل محمولات ودلالات الصورة التي تُعبر عن زقاق عراقيّ يمكن لنا أن نتخيله بأي مدينة عراقية .فالصورة توثق ،تؤرشف ،تدون تاريخ المدن ،والحياة الاجتماعية ،توثق جمال البيئة والبشر .
في تلك الصورة القدرة المُدهشة للفنان الفوتوغرافي عبد عناد على وصف( المكان –البيئة) مع محمولاتها من دلالات ومرموزات وتأويلات تنفتح على آفاق القراءة بتأويلات التلقي الجماليّ والمعرفيّ الذي يُحدد زوايا الرؤية الفنية التي دأب عليها «عناد» في مشغله التصويريّ الواقعيّ بكاميرته التي تؤرشف الريف –الأهوار- المرأة الريفية والوشم –الأمهات –الطفولة والبراءة وموضوعات إنسانية غالباً ما يُشارك بها بمسابقات محليّة وعالميّة ويحصد الجوائز لقدرته على اصطياد اللحظة المناسبة في الأمكنة ،لِيتوج الرؤية الجماليّة بزوايا التصوير ومساقط النور والتحكم بدقة بصورته التي يَكاد من يراها يتصورها كريشة تشكيلي يتعامل مع بورتريه بمهارة فائقة .فالتكوينات بتلك الصورة تناغم الفطرة وبراءة الطفولة وبساطة الحي السكني التاريخي ،فقد أفلح بتصوير الجزئيات والكليات بموضوع يُحيلنا إلى التدقيق بكل التفاصيل في تلك الرؤية التكوينية التي اتسمت بحرفيّة ومهنيّة أطر نسقها بعينه الثالثة الراصدة للجمال فقد اختزل العلاقات الإنسانية مع المكان ليؤرشف الحياة بمظاهرها المتعددة ..من خلال الثقافة البصرية والحساسية العالية بالجمال ليؤنسن الأشياء في تآلف هارموني يُدهش الرائي.
صباح محسن كاظم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة