حسون البغدادي الملقب بحسون الأميركي

طارق حرب
من الظواهر الاجتماعية التي ظهرت في نهايات العهد الملكي واستمرت الى العهد الجمهوري هي ظاهرة حسون الأميركي ، واسمه حسون كاظم عيسى الذي ولد سنة١٩٢٩ وتوفى سنة ١٩٨٥ ،وهو وان كان ظرفه وشكله وملابسه وتصرفه يعد غير مألوف ومن العجيب الغريب ولكن اندفاعه في مشروعه الحضاري الجديد بدأ يفقد بريقه في سبعينات القرن العشرين في حين اننا كنا نشاهدهِ بملابسه الغريبة الاميركية التي يشتريها من افضل محلات بغداد وهي اوروز دي باگ ومحلات حسو اخوان وقسم اخر يجلبه الاطباء الذين يسافرون الى الخارج فيكلفهم حينا ومن دون تكليف حينا اخر وملابسه الطاقم الاميركي الذي من لوازمها في ذلك الوقت واعني الشفقة حيث يتشبه بالممثلين الاميركيين من جيمس دين وكاري كوبر وكلارك كيبل حيث نتعمد مشاكسته فيقول ان فيلم ذهب مع الريح لن يتكرر وفعلا لم تنتج هوليوودَ مثاله .
وكان يمقت الافلام العربية ويقول مجنون من يرى عنتر وعبلة وقد تعرفت عليه في المستشفى الحكومي مستشفى المجيدية مكان مدينة الطب الحالية ووزارة الصحة ودائمًا يترحم على السلطان عبد المجيد الذي بنى المجيدية حيث يعمل كممرض ويسلك طريقاً واحداً من الاعظمية الى الكسرة الى باب المعظم وشارع الرشيد وشارع السعدون لا يبدي التحية لاي فرد وغالبًا ما يرافقه كلب ، اذ يقول ان من متممات القيافة وجود كلب ونادراً ما يركب السيارة وإذا ركب ومعهٌ كلبه يقطع تذكرة له وتذكرة لكلبه ولا يبالي برد فعل الاخرين عن الكلب وحصل مرة ان تمت دعوته لحفلة في السفارة الاميركية من احد الاصدقاء لكنه رفض ذلك بأدب وقال : انا بعيد عن السياسة والسياسيين واحلى ما فيهِ عندما يرطن باللغة الانجليزية حيث يتندر ويقول ( بوي) ولد ونحن نعد العامل في محلات المشروبات ( بوي) لايضحك اطلاقًا لا بل لا يتبسم قليل الكلام جدا ولولا معرفتي به وليس صداقتي لا يجيبني .
وكان وصوله الى محل كيت كات لتناول الدوندرمة في الباب الشرقي وعندً وصوله الى محل ابو يونان لتناول لفة همبركر بعد ساحة كهرمانة في شارع السعدون احيانًا لما تكلم اطلاقاً اذ يكتفي بالسكوت وعدم الرد وعلى خلاف شباب تلك الفترة فأنه لا يتناول المشروب ولا يدخل شارع ابي نواس مطلقاً بسبب وجود محال الشرب وقتها ولم يدخل سينما الاعظمية على قربها من سكناه ويقول الافلام قديمة وفعلاً اذ كان لا يعد الافلام الهندية التي تعرضها وافلام هرقل المشهورة عن الاغريق ويتميزا ضافة الى ملابسه المزركشة بالحذاء من نوع( چمچم) ذلك الحذاء الذي كان مفضلًا لدى الشباب في تلك الفترة وكان يحرص على متابعة مجلات الازياء اذ نراه في مكتبة مكنزي ومكتبة كورونيت باحثًاً عن هذه المجلات ، لأنها الجهات الاشهر في استيراد هذا النوع من المجلات وهو زكي النفس فلا يقبل من اي شخص هدية حتى ولو كانت مجلة او قميص مزركش او حذاء والى الان اتذكر ان صادق محقق صاحب محلات الاحذية المشهورة في شارع الرشيد اهداه احد الاحذية لكنه رفضه وحصل مرة ان استضافه تلفزيون بغداد فأظهر فلسفته في هذه الامور وقيمه العليا رحمه الله فقد توفي الذي نعرفه وليس الصديق بعلة القلب وسلاما عليه عندما تقول له السلام او صباح الخير وهو يجيبنا بالإنجليزي « كد مورننك « .هذا ولم تلد بغداد مثيلًا لهٌ.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة