في لندن.. كيف تعاملوا مع الهجمات الإرهابية؟

لا يختلف ارهابيو لندن في الوحشية والتعطش لدماء المارة الابرياء الذين القت بهم الصدف على جسر «لندن بريج» وسوق «بارا» الشهير عن ارهابيي المسيّب الذين فجروا سوقاً شعبياً بالمئات من النساء والاطفال والباعة ، وربما لا يختلف البشر الذين سقطوا ضحايا المجزرتين في فصيلة الدم والبُعد عن السياسة وكراهية العنف.
التشابه الابشع بين القتلة في لندن والمسيب، وكل مسلحي داعش والقاعدة وبوكاحرام والنصرة والنقشبندية، نجده في تصميم هذه الحثالات المنبوذة على معاقبة المدنيين وعابري السبيل بالقتل بوصفه «جهادا» وطريقا للشهادة، ولفتت الشرطة البريطانية الى انها وجدت في الشقة التي استعملها السفاحون في منطقة «باركنغ» كوكر آمن قبل الهجوم مصحفا مفتوحا على الأية في قوله « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون.» وكم من هذا في حوزة وعقول رعاع داعش في العراق.
لكن الاختلاف بين الهجوم الارهابي الاخير في لندن (وما سبقه من هجمات) عن هجوم المسيب (وقبله في الكرادة) نجده واضحاً في اتحاد الرأي العام هنا حيال الجريمة وحاضناتها، فضلا عن «الهدنة» السياسية والاعلامية للمتنافسين في الانتخابات التي ستجري في 8 حزيران أي بعد خمسة ايام من الحادث، وشاءت الهدنة ان تحدث في اليوم الذي سيلي الجريمة وهو آخر يوم أحد في الحملة الدعائية حيث يرمي المتنافسون عادة في مثل هذا اليوم كل ثقلهم ووسائل كسب المواطنين وفضح منافسيهم، في المحتشدات والمنتديات الغنائية والاجتماعية، وهكذا، كان يوم الاحد الثالث من حزيران يوما للحداد واحترام الدماء وصمت الساسة والسياسة، حكومة ومعارضة، فلا احد يسيّس الدم ويجعل منه دموعا تستدرج اصوات الناخبين اليه، بل ان الساسة دخلوا في تنافس على التعبير عن الاعتزاز بالقوة الامنية التي وصلت مسرح الجريمة بعد 8 دقائق من نداءات الاستغاثة وفتحت النار على الوحوش قبل ان يواصلوا المزيد من اعمال القتل، فلم نسمع لوما او تشكيكا او تشهيرا بجهة وكانت بيانات الشرطة والمؤتمرات الصحفية لمسؤوليها غاية في الاحترافية واحترام حاجة المواطنين الى المعلومات الشافية، ودائما ما كان يقال انهم سيطلعون الجمهور على الحقائق اولا بأول.
اما الاعلام، قنوات تلفزيون واذاعات وصحافة فكان اداؤها منضبطا في اولوية تبشيع الجريمة والمجرمين وتقديم ادق المعلومات عن خلفيات الجماعة الارهابية وتجنب حشر الشائعات والمعلومات الكيدية وغير الموثقة او امتداح الحكومة واجراءاتها في حشوات التقارير، واللافت ان الاعلام الممول من ضرائب المواطنين (بي بي سي) كان اكثر جذبا للجمهور حتى من وسائل التواصل الاجتماعي التي بقيت تعيد ما تنشره تقارير اعلام الدولة.
طبعا، ان المقارنة بين احوالهم واحوالنا، وتعاملهم مع الحدث وتعاملنا، ليست منهجية، مثل المقارنة بين العقلانية والتهريج.
*************
داروين:
«خلال تاريخ البشرية الطويل (وعالم الحيوان أيضا) من تعلم التعاون والارتجال بطريقة فعالة هو الذي ساد
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة