التطور السكاني لأهل بغداد

طارق حرب
بدء التطور السكاني في بغداد منذ بدء تأسيسها في يوم الثلاثاء الاول من ربيع الاخر عام 145هـ عند منعطف نهر دجلة على ضفته الغربية أي على جانب الكرخ حيث لا نعلم عدد سكان بغداد قبل بنائها من قبل ابي جعفر المنصور ,فقد كانت مجموعة من البساتين تسمى بالمباركة وارض مفتوحة ولعدم وجود مدينة فلا يمكن الاحاطة بعدد السكان لان بغداد لم تنشأ على انقاض مدينة سابقة وقد اشرف على بداية البناء الحجاج بن ارطأة مهندس بغداد الاول والذي وضع خريطتها وفي عام 146هـ انتقل المنصور وجيشه من قرية الهاشمية الكائنة قريبًا من منطقة اليوسفية الحالية جنوب بغداد وبجانب نهر الفرات وتم نقل بيت المال ودواوين الحكومة فقط وانتهى نقل الدوائر الحكومية في الاربعاء الاول من شهر صفر عام 146هـ لذلك فان سكان بغداد في هذه الفترة هم الموظفون في دوائر الدولة العباسية وعائلاتهم فقط وفي عام 158هـ ظهر وباء عظيم في بغداد اصاب الناس بضرر عظيم .
ويعد هذا اول الاوبئة التي اصابت اهل بغداد وفي عام 169هـ تفشى وباء الطاعون ومرض السعال بين اهل بغداد وفي عام 197هـ حاصر قائد جيش المامون طاهر بن الحسين بغداد وضربها بالمجانيق وترتب على ذلك وفاة العديد من اهل المدينة وفي عام 205هـ فاض نهر دجلة فيضاناً عظيماً وهدم المنازل وخرب المباني واهلك الزرع وعام 225هـ احترقت اسواق الكرخ ، وفي عام 240هـ حصل اول زلزال شديد في بغداد ضرب المنازل والحصون ,وفي عام 258هـ ظهر وباء ترتب عليه هلاك الكثير من سكان بغداد ،وفي عام 270هـ زاد نهر الفرات وغرقت نحو سبعة الاف دار في كرخ بغداد وأتلفت الاسواق والمحال .
وقد روى الخطيب البغدادي مؤرخ بغداد ان عدد سكانها في المرحلة المزدهرة من العصر العباسي وصل الى أكثر من مليون نسمة ومنازلها بحدود 125 ألف منزل معتمداً في ذلك على عدد حمامات المدينة وهنالك من يقدر العدد بحدود المليون كون ابنيتها امتدت الى الجانبين الكرخ والرصافة واصبحت مركزاً للحضارة الاسلامية.
وقد بلغت بغداد اوج عمرانها في عهد الخليفة المقتدر عام 195هـ بالرغم من ان عدد السكان في عهد هارون الرشيد كان لا يقل عن 200 ألف ولا يزيد على 600 ألف وفي حالة اعتماد عدد الدور وعلى اساس خمسة اشخاص في كل دار سيجعل عدد سكانها بحدود 160 ألف نسمة في محال بغداد الثلاثة.
واشار ابن الجبير 543 هـ الى محال بغداد في الرصافة والكرخ وان كل محلة من هذه المحال تشكل مدينة ويعكس عدد القتلى في مدينة بغداد عند احتلال المغول لها عام 658هـ كثرة عدد سكانها فهناك من قال ان عدد القتلى نحو700 الف شخص وان كان هذا القول لا يخلو من المبالغة ويقدر الدكتور عبد العزيز الدوري عدد القتلى بما لا يتجاوز المائة الف فقط واصبح عدد سكان بغداد عند دخول الصفويين لها عام 914 هـ بحدود 30 الف نسمة وكان عدد سكان بغداد عند دخول السلطان العثماني سليمان القانوني الى بغداد عام 1534هـ بحدود 15 الف نسمة وهرب اكثر من 13 الف فارس الى المدينة وكتب احد الرحالة الفرنسيين سنة 1632 ان عدد السكان بحدود 15 الف نسمة وفي عهد سليمان باشا سنة 1777 بلغ سبعين الف نسمة ،وازداد الى مائة الف نسمة سنة 1816 خلال حكم الوالي داوود باشا حيث اصبحت بغداد من اغنى ولايات الدولة العثمانية ووصل نفوسها الى حدود 120 الف نسمة ثلثهم من اليهود والمسيحيين والثلثان من العرب والفرس والترك وقدر فلكس جونز عدد السكان بحدود 60 الف نسمة سنة 1853 وازداد العدد الى 80 الف نسمة سنة 1883.
ويقول المعلم نابليون الماريني الذي زار بغداد سنة 1887 ان عدد سكانها كان بحدود 130 الفا من العرب والترك والعجم والكرد والهنود وعدد اليهود كان بحدود 18 الف نسمة والمسيحيين بحدود عشرة الاف وكان دخول اربعين الف جندي بريطاني الى بغداد سنة 1917 قد زاد من تطور العمران وانشاء بنايات ودور ومحال بمظاهر غربية كالبتاوين والعلوية والوزيرية ، وتم تقدير عدد السكان بحدود 185 الف نسمة نحو خمسين الف نسمة من غير المسلمين وزاد عدد سكان بغداد سنة 1927 الى اكثر من 200 الف نسمة منهم 150 الفا في الرصافة و50 الفا في الكرخ وعدد اليهود خمسين الفا والمسيحيين خمسة الاف فقط وبعد ذلك تم استحداث محال للمسيحيين فقط مثل كمب الارمن وكمب الكيلاني حيث سكن الارمن الذين طردتهم تركيا .
واشار عدد احصاء 1934 الى ان عدد سكان بغداد 367 الفا و450 عدى الاجانب وكان عدد اليهود يقارب المائة الف نسمة ووصل العدد الى اكثر من نصف مليون في احصاء 1947 وبلغ لحدود 800 الف نسمة حسب احصاء سنة 1957 وباضافة سكان الصرائف والبيوت الطينية تجاوز عدد سكان بغداد المليون وزاد على المليون والنصف في سنة 1965 ووصل الى ما يقارب المليونين في سنة 1968 وازداد عدد السكان تدريجيا في بغداد وبلغ ما يقارب اربعة ملايين سنة 1987 والى اكثر من اربعة ملايين ونيف سنة 1997 اما الاحصاءات التي حصلت بعد 9/4/2003 وخاصة البطاقة التموينية فان عدد سكان بغداد الان في سنة 2017 بحدود سبعة ملايين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة