دعوة لإنشاء لجنة داخل البرلمان الأوروبي معنية بملف الإرهاب تثير انقسامات عميقة

يضمُّ مجموعة الحريات المدنية والعدالة والشؤون الداخلية
بروكسل ـ وكالات:

أثارت دعوة مشتركة من داخل البرلمان الأوروبي، صدرت عن قيادات كتلة «حزب الشعب» الأوروبي، وكتلة الليبراليين، بإنشاء لجنة داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية، تكون معنية بملف الإرهاب انقسامات عميقة.
وفي تعليق على هذا الأمر، قال جياني بيتيلا رئيس كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، إن أعضاء كتلته البرلمانية يؤيدون تحسين التعاون وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولا داعي لإنشاء لجنة خاصة لتقوم بهذا العمل، لأن البرلمان يوجد به بالفعل لجنة الحريات المدنية والعدالة والشؤون الداخلية، والتي تغطي هذه القضايا، كما يرى الأعضاء أن خلق لجنة جديدة ليس له أي معنى، بل سيعتبر تكراراً للعمل وتضييعاً للوقت والمال.
واختتم بيتيلا تصريحات بالقول، إن قيادات الكتلتين الشعب الأوروبي والليبراليين خلال مداخلاتهم في نقاش بالبرلمان لم يقدموا أي شيء جديد، وإنما الأمر ببساطة هو استغلال حالة خطيرة جدا من أجل تحقيق مكاسب سياسية رخيصة وهذا شيء معيب.
يذكر أن كتلة حزب الشعب الأوروبي هي أكبر الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي من حيث عدد المقاعد، وينتمي إليها رئيس مجلس الاتحاد دونالد توسك ورئيس المفوضية جان كلود يونكر ورئيس البرلمان الأوروبي أنطونيوتاياني وتأتي كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين في المرتبة الثانية ويليها كتلة الليبراليين في المركز الثالث.
أما على صعيد الشارع الأوروبي، أصبح الخوف من الإرهاب يشكل هاجساً مخيفاً في ظل تكرار وقوع الهجمات الإرهابية في أوروبا خلال الفترة الأخيرة من مانشستر إلى لندن إلى باريس وقبلها استكهولم وبرلين ونيس وبروكسل وغيرها. ففي بلجيكا وفي ظل تكرار الحملات الدعائية والبلاغات التي تصدر عن وزارة الداخلية والقيادات الأمنية والسياسية التي تطالب بتوخي الحذر أثناء السير في الشوارع التجارية خوفاً من عملية دهس بشاحنة أو سيارة عادية وكذلك ضرورة الإبلاغ عن تصرفات أي شخص يشتبه في قيامه بتصرفات غريبة وأيضاً الإبلاغ عن أي حقيبة مشبوهة، أصبح المواطن يسير وهو يشعر بالخوف من السيارات وأيضاً يراقب تصرفات الآخرين من المارة تحسبا لوجود شخص إرهابي.
ومن وجهة نظر البعض من المراقبين هناك مثال يقول: البرق لا يحدث مرتين في المكان نفسه، ولكن هذا المثال لم يعد ينسحب على الإرهاب الذي أصاب لندن مرتين خلال الأشهر الثلاثة الماضية وفي المرتين دهس الجناة جموعا بشرية على أحد الجسور ثم انهالوا ضربا بالسكاكين على ضحايا عشوائيين. يتسبب تراكم هذه الهجمات في مناخ من الاستنفار الدائم جعل وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير يقول في معرض رد فعله على هجوم لندن: يبدو أننا سنضطر للعيش وقتاً طويلاً مع الإرهاب، ولكنه أضاف: لن نتعود عليه. بالطبع ليس لنا أن نتعود على ذلك، ولكن: ألا نفعل ذلك فعلا؟.
وبعد كل هجوم إرهابي يتصاعد مؤشر الإثارة العام ولكن تراجع حدة الإثارة يحدث بشكل أسرع ولكن وبشكل عام فإن وتيرة الهجمات الإرهابية التي يقوم بها متشددون تفوق قدرة أشد المتابعين للأخبار تحملا لها، تلك الوتيرة التي ربما جعلت أحدنا لا يستطيع الوفاء بمتطلبات الحياة اليومية.
ولكن الخبير النفسي الألماني بورفين بانديلوف رأى في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن ذلك ليس من قبيل التبلد، وأنه رد فعل دفاعي طبيعي. ونصح الخبير الألماني بألا يعتبر أحدنا نفسه بلا مشاعر، إذا لاحظ من نفسه أنه ينتقل لجدول الأعمال اليومي.
التوقف قليلاً ثم مواصلة الحياة وكأن شيئاً لم يحدث، هذا هو الأسلوب الذي يوصي به السياسيون وخبراء الإرهاب الزم الهدوء واستمر، وهذا هو ما تجيده لندن. يطلق على ذلك روح القصف المستوحاة من المزيج المعروف عن الإنجليز بين البرود واحتقار الموت والذي أبداه سكان لندن أثناء القصف الألماني لمدينتهم في الحرب العالمية الثانية.
وفي المقابل أثار عنوان «هجمات إرهابية في قلب لندن تخلف ستة قتلى في أمة لا تزال مترنحة» لصحيفة «نيويورك تايمز» غضب البريطانيين، هذا ما دفع الكثير من البريطانيين لنشر أمثلة على أكثر ما يغضبهم، تعمدوا من خلالها أن يثبتوا أنهم غير عابئين بهذه الهجمات الإرهابية وأن الذي يغضبهم أكثر أشياء أخرى كثيرة ليس منها الإرهاب. ولكن التجربة تعلم شيئاً آخر ألا وهو أن حدة كل صدمة تتراجع مع الوقت. توقع الكثيرون عقب تدمير مركز التجارة العالمي في نيويورك أن زمن ناطحات السحاب قد ولى ولكن الحقيقة هي أنه ومنذ ذلك الهجوم نشأت أبنية أكثر ارتفاعاً.
عن ذلك يقول الطبيب النفسي بانديلوف: «يستطيع الناس التكيف مع أسوأ مواقف الخطر.. انظر مثلا للناس الذين يعيشون في المناطق ذات معدلات الجريمة المرتفعة، إنهم يتعودون على هذه الجرائم ببساطة، أي أنه حتى وإن حدث الكثير لدينا في ألمانيا فلن تتراجع جودة حياتنا بشكل دائم، سيظل الناس يذهبون لمهرجان روك أم رينج الموسيقي».
هذا ما تشير إليه أيضاً الحقائق التي توصل إليها معهد ألينسباخ الألماني حيث تبين لباحثي المعهد أن أغلبية الألمان، نحو ثلثيهم، لا يعتزمون تغيير سلوكهم، حسبما ذكرت مديرة المعهد ريناته كوشر العام الماضي في مقال لصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج».
وأوضحت كوشر أن الجيل الشاب بشكل خاص عازم على الدفاع عن مساحات الحرية المتاحة له. كما أظهرت الدراسة أنه وفي الوقت ذاته فإن المواطنين في ألمانيا ينتظرون من الدولة أن تفعل كل ما بوسعها لمكافحة الإرهاب حيث يطالب 46 في المائة من الدولة بقوة أن تعزز جهودها ضد الإرهاب.
وبعد أقل من 24 ساعة من هجوم لندن، من بين هذه النقاط مدد سجن أطول للمشتبه بهم بأنهم إرهابيون وتعزيز مراقبة الإنترنت. هذا هو ما فعله رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عقب هجمات مترو أنفاق لندن الشديدة عام 2005، بل إنه قدم خطة من 12 نقطة لتعزيز قوانين مكافحة الإرهاب.
قالت ماي إنها «سوف تقتلع التطرف الإسلامي من المجتمع البريطاني وتدعم أسلوب الشرطة أطلق النار لتقتل. وبصرف النظر عما يقصد بذلك فإنها ليست لغة حافظ على هدوئك.»

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة