السعودية والإرهاب..

بعيداً عن الشعارات والاعتبارات الطائفية يمكن القول بأن الحكومة السعودية تحارب الارهاب، القاعدة وداعش، وهذا واضح من سلسلة طويلة من المواقف والمواجهات والتفجيرات والمحاكمات، لكنها (انتباه) تحاربه على اراضيها فقط، وبخاصة حين يستفحل وينشط بالاتجاه الذي يضر بالمصالح التجارية والمالية والسياسية للحكم، فيما تدعمه في مستويين، الاول، في التسهيلات اللوجستية التي تقدمها الى الخلايا والافراد لكي تمارس نشاطاتها الارهابية خارج الحدود، وفي الدول «غير المريحة» للسعوديين حصرا، معبّرٌ عن ذلك في دفاع السعودية عن حمَلة جنسيتها الذين يقبض عليهم من قبل دول اخرى (غوانتانامو. العراق. باكستان. لبنان..) فتسعى بكل الوسائل الدبلوماسية والمالية والاستخبارية الى استعادتهم، وفي كتاب وثائقي عنوانه «مقاتل مكة» ثمة وقائع مثبتة عن الاساليب التي كانت تستعملها السلطات السعودية (بواسطة مشايخ او اجهزة امن) لإقناع الشبان السعوديين المتأثرين بالفكر الجهادي الشائع بالقتال مع القاعدة خارج الاراضي السعودية، بل وتسهل نقلهم ورعاية عائلاتهم.
اما المسار الثاني، فيتمثل بالتمويل المالي السخي الذي تقدمه هيئات دينية ناشطة وبعضها مرتبط بالعائلة الحاكمة او بالسلطة الى منظمات الارهاب التي تقاتل في عدد من الساحات، ولم تعد هذه التمويلات شبهة او فرضية او اتهامات لجهة الرياض، بل انها موثقة في مراسلات وكشوفات بنكية وفضائح نشرت على نطاق واسع، ويمكن لفت النظر الى وثيقة نشرها موقع ويكلكس وتعود الى السابع من ديسمبر العام 2011 عن برقية لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تؤكد فيها على وجود محاولات لاقناع الجهات السعودية بمعالجة تدفق الاموال من مؤسسات سعودية الى الارهابيين، وتفيد البرقية « ان من ابرز الجماعات التي تحصل على تلك التبرعات تنظيم القاعدة، وحركة طالبان، وتنظيم «لشكر طيبة».
وفي برقية سرية دعت كلينتون الدبلوماسيين الاميركيين الى مضاعفة جهودهم لوقف تدفق الاموال السعودية الى الجماعات المسلحة وذلك عن طريق» اقناع المسؤولين السعوديين بالتعامل مع التمويل الصادر من السعودية على انه اولوية استراتيجية بالنسبة لنا» وفي برقية اخرى ورد فيها ان جمعية خيرية باكستانية، وهي جماعة الدعوة، المتهمة بأنها واجهة لجماعة «لشكر طيبة» الارهابية استعملت شركة سعودية واجهة لها لتمويل نشاطاتها في عام 2005.
لكن التطور في هذا الملف يمكن ملاحظته في تعليمات زعيم القاعدة ايمن الظواهري قبل ثلاثة اعوام ويتضمن الالتزام بالامتناع عن مهاجمة انظمة دول تقدم «مساعدات» مختلفة لـ»المجاهدين».. ويعني السعودية ومن لفّ لفها.. إذ ردت القاعدة على تحية المملكة، آنذاك، باحسن منها.
**********
حكمة صينية
«الحقيقة مثل اللؤلؤ تطفو دائماً فوق الماء»
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة