حسين السلطاني يؤكد استقالته من منصبه نهاية العام إذا لم يوفر لهم حقوقهم

المركز العراقي للتنمية الإعلامية يضيّف رئيس مؤسسة السجناء السياسيين
المكتب الاعلامي

عانى الشعب العراقي تحت وطأة الدكتاتورية المقيتة اشدّ انواع القهر والتعسف، والسجناء السياسيون بالتحديد، نالهم القسط الاكبر من التنكيل في بطون الغرف المظلمة التي كانت منطلقا لحفلات التعذيب البشعة التي مورست ضدهم ما يجعلنا نقف بكل اجلال لبطولتهم النادرة وشجاعتهم في الوقوف بكل صلابة امام آلات القتل.
ولضرورة ان نستذكرهم ونشيد بكل تضحياتهم، نظّم المركز العراقي للتنمية الإعلامية جلسة بحضور نخبة من الباحثين والسياسين والاعلاميين ندوة «السجناء السياسيون ودورهم في بناء الوطن» مشددين على ضرورة تكريم المبدعين والمتميزين وهم احياء، في حين أشاروا الى ان الامة الحية هي من تخلد المواقف الشجاعة لابنائها الذين قارعوا الظلم والدكتاتورية.
واستهلت الندوة، التي استضافت رئيس مؤسسة السجناء السياسيين في العراق حسين السلطاني، بكلمة رحب فيها رئيس المركز د.عدنان السراج بالحاضرين، مؤكدا ان المركز خطا خطوات جيدة نتيجة لتكاتف النخب العراقية «فالعراق كبير وزاخر بالطاقات ومستقبله واعد».
واعرب عن سعادته بالحضور وفي مقدمتهم رئيس مؤسسة السجناء متابعا ان للمركز تقاليد ارسيت فيه وبضمنها «التكريم» للاحياء قبل الاموات لانهم من يرسمون الطريق والاموات يخلدون وتبقى اثارهم وتاريخهم ونتاجاتهم للوطن.
وتابع السراج بدأنا التكريم المعنوي ولكن كنا نتمنى ان تتطور هذه التكريمات من خلال المعنيين بمشروع برنامج اعادة تكريم المتميزين اسوة بما تقوم به كل بلدان العالم وفي مقدمتهم الاعلاميون بشكل عام ، لافتا الى طرح مشروع الاعلامي شريك وليس سلطة رابعة ، بمعنى ان الاخير شريك مع كل السلطات بخط وآليات وعمل كامل يقوم باسناد وانتقاد كل مؤسسات الدولة،
واشار السراج بان المركز يريد ان يكرس «التكريم» كظاهرة حقيقية معلنا في الوقت نفسه اسماء الذين حظوا بتكريم المركز خلال الندوة ومنهم استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. علي الجبوري، واستاذة العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية د.فاطمة سلومي، والخبير الامني الاعلامي سعيد الجياشي، والمستشار ضياء الوكيل، فضلا عن تكريم جريدة «الصباح» لدورها الاعلامي والمهني المتميز في إلقاء الضوء على تضحيات الشهداء.
وعبر المكرمون عن شكرهم وسعادتهم بهذا الاهتمام والحفاوة من قبل المركز التي يستحق عليها الاشادة والثناء كونه جمع النخب تحت خيمة المركز على كلمة سواء هي حب العراق وخدمة اهله.
بعد ذلك ادار الجلسة الزميل رئيس تحرير جريدة الدستور باسم الشيخ مرحبا برئيس مؤسسة السجناء السياسيين في العراق حسين السلطاني الذي اثنى بدوره على مبادرة المركز العراقي للتنمية الإعلامية، لما يقوم به من اعمال ، مؤكدا ضرورة التواصل بين المسؤولين التنفيذيين والنخب، كونها قضية اساسية ومهمة في تحقيق التنمية المطلوبة.
بعد ذلك شهدت الجلسة طرح العديد من الرؤى والافكار والملاحظات تناولت الشأن نفسه ، حيث تمنى الحاضرون على د. حسين السلطاني اطلاعهم على المؤسسة التي حضنت المجاهدين من الذين قارعوا الدكتاتورية بكل تضحياتهم، وماهي الواجبات الكبيرة الملقاة عليها تجاههم؟
السلطاني بدأ حديثه بالقول: اننا اذا نظرنا الى واقعنا نجد مشكلات متعددة واشكالات غير قليلة لكن اذا تجاوزنا ظاهر هذه الاشكالات وبحثنا عن عمقها نجد ان القضية ترتبط بالجانب الفكري والجانب الثقافي بالدرجة الاساس لذلك اي تنمية اذا اردنا تحقيقها تتوقف على التنمية البشرية والاخيرة اساسها التربية والتعليم.
وتابع ان المؤسسة انبثقت على وفق قانون رقم 4 لسنة 2006 لضرورة ملحة واحتضنت شريحتين مهمتين في البلد هما شريحة السجناء وشريحة المعتقلين « فالجميع يدرك تضحيات السجناء السياسيين ومواقفهم في مقارعة الدكتاتورية، والظروف الاستثنائية التي مروا بها، فضلا عن تاريخهم المشرف الذي يعكس قيم المجتمع ودفاعه عن حقوقه وتضحيته من اجل حريته .
واضاف رئيس المؤسسة انهم يعبرون عن اصالة مجتمع وثقافته، فالاعتزار والتقدير لهم هو تقدير وتقييم للمجتمع قبل ان يكون تقديرا لهم، فهم من قارعوا الدكتاورية المقيتة.
واشار السلطاني الى ان الامة الحية والواعية هي من تكرم طاقاتها وتخلد المواقف الشجاعة لمن وقفوا ضد الظلم والطاغوت، لذا كان من الطبيعي ان تنبثق مؤسسة لرعايتهم ماديا ومعنويا لانهم عبروا عن حقبة مظلمة بمعنى الكلمة ، فضلا عن انهم يمثلون جانب مشرق للشعب العراقي في تصديه للطاغوت واستعداده للتضحية من اجل القيم والحرية وحقوق الاخرين وهو اعلى ما يمكن ان يصل اليه الانسان ان يضحي بنفسه وبكل ما يملك من اجل الاخر.
واكد السلطاني ان السجناء السياسيين قيمة عليا يفتخر بها، لذا كان من الطبيعي ان تتفق الارادة لكل القوى السياسية لسن قانون للسجناء، وبالتالي انبثاق مؤسسة لرعايتهم ماديا ومعنويا، لافتا الى ان الجانب المعنوي لايقل اهمية عن الجانب المادي اذا لم يكن اهم.
واوضح السلطاني ان المؤسسة شانها شأن المؤسسات الاخرى، اسست في ظل ظروف غير مستقرة، فضلا عن الاشكالات والتبعات، على فرض ان معظم مؤسسات الدولة انبثقت في ظل ظروف غير طبيعية ، وبالتالي تركت اثارها بشكل او باخر بالنسبة للمؤسسة التي كانت عانت ظرفا استثائياغير الوضع الاستثنائي العام ، وفي مقدمتها انها لم يتصدى لها مسؤول مباشر الا في الـ 6 اشهر الاولى بغض النظر عن كفاءته والظروف المحيطة به، وفي كل الاحوال البداية والمقدمة كانت مجرد تشكيل جديد وليس مؤسسة قائمة، يرافق ذلك ومع بداية التشكيل كل المدراء الذين تعاقبوا عليها كانوا وكالة، بمعنى انه مسؤول في مكان اخرى، وبالتالي ان افضل من تسلم المؤسسة كان ياتي يوم في الاسبوع وفي بعض الاحيان يستمر الغياب لاسبوعين وحتى شهر ما أدى الى غياب الاستراتيجية والتخطيط والمتابعة والمباشرة والتقييم في العمل تماما فكانت المسؤولية لاتتعدى تمشية الامور فقط، الامر الذي اهدار امكانات وطاقات غير قليلة.
واضاف رئيس المؤسسة، ان السجناء اغلبيتهم لم يكونوا من اصحاب الخبرة والتجربة في السابق فاغلبهم شباب لم يتسن لهم اكمال الدراسة وعسكريين ليس لهم تجربة مسبقة بالعمل ، موضحا ان المسؤول اذا كان ضرورة في كل دائرة فهو لاشك اكثر ضرورة في دائرة جديدة النشأة وبسياقات عمل ليس هي صاحبة القرار فية، الوضع الذي استمر من 2006 الى النصف الثاني من 2015 بكل تلك الفترة، الامر الذي ادى الى هدر امكانات لم تستثمر، مؤكدا في الوقت نفسه ان المؤسسة لم تشهد فسادا ماليا مقننا، بل شهدت فسادا اداريا، مستدركا ان الاخير مقدمة للفساد المالي، مشيرا الى انه لمس فسادا ماليا شخصيا وصغير ربما من جره لذلك الفساد الاداري، ما يعني غياب الحصانة الذاتية الموضوعية، التي من الطبيعي ان تدفع تلك التبريرات غير المنطقية الانسان لعمل ذلك.
ولفت السلطاني الى وجود قضيتين في المؤسسة انذاك لو استثمرت لكن لها كيان يعتزويفتخر به كما الواقع الحالي، وهما ان المؤسسة كان لها تمويل ذاتي من جهة والدولة سخية بالعطاء من جهة اخرى، وعادة مؤسسات التمويل الذاتي الدولة تمولها شئ يسير وما تبقى على المؤسسة ، موضحا ان وزارة المالية تعاملت مع المؤسسة على انها ممولة ذاتيا وهو شي مهم لان ذلك يوفر ارضية قانونية للاستثمار بمعنى يوفر جانبا ماليا سخيا وهو استثناء بكل معنى الكلمة، لكنه لم يستثمر وهدر المال بتصرف غير دقيق مستشهدا بقول الرسول علية افضل الصلاة والسلام ( انا لا اخشى على امتي الفقر انما اخشى على امتي سوء التدبير) لافتا الى ان سوء التدبير قاد الى هدر الكثير من الطاقات التي تركت اثارها على اكثر من صعيد، متمثلة بان نسبة غير قليلة من الحقوق والامتيازات التي اعطيت للسجناء لم تطبق، اي ان كل الذين شملوا والذين وصل عددهم من سجناء ومعتقلين ومحتجزين 82 الفا هولاء حصلوا على امتياز الراتب التقاعدي جميعا وهو انجاز جيد لكن على مستوى الامتيازات الاخرى بناء الوحدات السكنية او المنحة التعويضية او ما يعادلها فهي 8 % لكل العراق وهي نسبة ضئيلة جدا.
وبين السلطاني ان مؤسسة السجناء يعتز بطاقاتها وخدمتها وان اعترتها بعض الاشكاليات، فقد حققت نسبة عالية من النزاهة في العام 2017 بسبب الالتزام بالمعايير والضوابط برغم الصعوبات، داعيا في الوقت نفسه الاعلاميين الى زيارة المؤسسة للاطلاع عن قرب على الانجازات المهمة التي تحققت .
بعد ذلك جرت مناقشة واسعة ومستفيضة اسهم فيها عدد من المشاركين في الجلسة ومن بين ماتم طرحه ان كان للمؤسسة عمر محدد ام هي باقية الى امد غير محدد، وتساؤلات عن وجود الفضائيين في ملاك المؤسسة ومنتسبيها ومدى صحة ذلك؟
قال السلطاني لاشك اننا من مؤسسات العدالة الانتقالية والاخيرة محددة بهدف وزمن، عادة الهدف واضح وعلى مستوى الاهداف هناك شمول وحقوق وتلك الحقوق مترتبة على مرحلة متاخرة عن الشمول، «فالمعني» لابد ان يثبت انه سجين من خلال شهادة الشهود ، مشيرا الى ان السجناء والمعتقلين مايزال نصفهم غير مشمول وبعض المتابعين والاعلاميين يقولون ان العدد كبير لكن الاحصائيات بينت ان العدد الفعلي اكثر بكثير، فهورسميا يتجاوز 350 الفا بين محتجزين ومعتقلين.
وفيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال قال السلطاني انا انفي مطلقا ومسؤول عن كلامي ليس في المؤسسة فضائي واحد في المرحلة التي انا فيها وحتى قبلي لم اسمع بذلك المؤسسة منضبطة، نعم ليس بمستوى الطموح لكن المسيرة تسير بالاتجاه التكاملي بدرجات جيدة جدا، داعيا جميع من يريد ان يقف على هذه الحقيقة وبكل امانة، ان يتابع اعمال المؤسسة، لافتا انه لاينفي وجود خلل لكن كل الخييرين والجيدين موضع احترام وراس مال للمؤسسة.
اما بالنسبة للخروقات اوضح رئيس المؤسسة بوجود خروقات لكنها جزئية لا تتعدى العشرات على مستوى السجناء، انما المشكلة في المعتقلين كون المشرع اراد ان يخدم اكبر نسبة متضررة منهم.
واوضح رئيس المؤسسة انه في العام 2013 كان عضو مجلس رعاية ، ولمدة 6 اشهر وفي هذا الوقت تغير القانون حيث كان هناك نقاشا حول من يديرون اللجان وهم قضاة، فتغير القانون واصبح من يدير اللجان قانوني سجين عنده 5 سنوات خدمة وكنت معارضا لهذا ، مفترضا ان تبقى اللجان تحت ادارة القضاة حيث كنت احمل تصورا ان القاضي يمتلك حصانة ودعم معنوي وقضائي ، كون الذين يعملون في اللجان يواجهون تحديات متعددة سياسية واجتماعية وعلاقات وما الى ذلك.
وتابع رئيس المؤسسة ان من ضمن تصوراتي للجان، ان تكون لديهم مواصفات استثنائية ، وان القاضي اكثر قابلية ، وقدرة على ذلك ، مستدركا من انه ثبت العكس وهذا ليس انتقاصا منهم، لكن بحكم ان السجناء الذين تولوا المهمة لديهم معرفة بدرجات جيدة في قانونهم واشخاصهم وطبيعة الاستجواب لذلك الان وصلت نسبة الدقة في عمل اللجان لا ابالغ اذا قلت انها 70 % .
وضمن ماطرح من استفسارات واسئلة ما يتعلق بسجناء الــ 63 حتى اللحظة بعد ان تجاوزت اعمارهم 75 سنة ومتى ينصفوا معنويا هذا من جانب من جانب اخر عنوان المؤسسة السجناء السياسيين ولا يوجد اشارة الى المعتقلين؟
اجاب السلطاني انه في بعض الاحيان يقال ان هنالك تمييز بين السجناء على اعتبار ان الاسلاميين هم من يسيطرون على المؤسسة بالتالي سيكون لهم موقف من الاخرين، موضحا ذلك بالقول انني وبكل امانة اعمل وبكل جد في تمشية معاملة اي شخص لانني مؤمن تمام بمظلومية هؤلاء.
وتابع رئيس المؤسسة انه بعد ان تسلمت المهام اعطيت استثناء لـ 63 جميعا لاعمارهم وادبهم مع معاناتهم الكبيرة، اللجنة لم تجد قرارات واضحة ومقتبسات حكم مايحتاج دقة في العمل، معربا عن امله في حسم الموضوع قريبا.
وفي الختام سلط السلطاني الضوء على العقبات التي واجهت المؤسسة وتم تجاوزها، وفي مقدمتها ان ملاكها لم يتجاوز عدده 596 فردا على الملاك الدائم لاشتراطها ان لايوظف الا من شمل بقانون المؤسسة ولما كان قانونها التمويل الذاتي فلا يوجد درجات وظيفية مثل بقية الوزارات فكانت مشكلة الملاك من حيث الكم والنوع، فضلا عن اشكالية الادارة وما اكتنفها من الاخطاء في الملفات التي تجاوزت 140 ملفا لم يحسم، فضلا عن عدم المتابعة والمراقبة والكثير من الاشكالات المبنية على العلاقات والاختراقات ، موضحا ان كل ذلك تم تجاوزه بخطة مبنية على نقاط بنيوية واخرى تكتيكية للمعالجة، لافتا الى ان الضعف الاداري تم تجاوزه من خلال تفعيل البرنامج الالكتروني كحل امثل حيث وصلت نسبة الانجاز الى 75 % من البرنامج والمؤسسة عازمة على التحول في اداءها الاداري نهاية العام 2017 الكترونيا بصورة كاملة .
وفي ختام الندوة التي تكللت بالنقاشات المستفيضة على وفق الأطر التي وضعها المركز لتكريس اسس النجاح والخروج بنتائج تتواءم مع الراهن من الأحداث دعا رئيس المركز د. السراج الحضور الى مأدبة الإفطار التي اقيمت على حدائق المركز بمناسبة شهر رمضان الفضيل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة