مع تعهد العديد من الدول بالتمسك في الحفاظ على البيئة
أريا بنديكس
ترجمة : حسين محسن
إعلان إدارة ترامب الإنسحاب من إتفاق باريس بشأن تغير المناخ دفع الدول وقادة العالم إلى إعادة تأكيد إلتزامهم بالميثاق العالمي. إن إتفاق باريس الذي تم توقيعه في عام 2015 خلال إدارة أوباما، هو إتفاقية مناخ عالمي غير مسبوقة تهدف إلى إحتواء إنبعاثات الغازات الساخنة وحماية العالم من الإحتباس الحراري. ورفضت دولتان فقط – نيكاراغوا وسوريا – التوقيع على الاتفاق في عام 2015.
وخلال قمة مجموعة السبعة التي عقدت في ايطاليا الاسبوع الماضي شجع العديد من زعماء العالم الرئيس ترامب على البقاء عضواً في الميثاق حيث يقال ان دبلوماسيين أجانب عقدوا محادثات مع أعضاء إدارة ترامب على أمل أن يقوم الرئيس بتغيير رأيه. و في صباح يوم الاربعاء، كررت الأمم المتحدة هذا النداء، مقتبسة من أقوال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس الذي قال «ان التغير المناخي لا يمكن إنكاره. ولا يمكن وقفه. و توفر الحلول المناخية فرصاً لا مثيل لها «. حتى البابا فرانسيس ألمح إلى رغبته في أن تبقى الولايات المتحدة جزءا من الإتفاق عندما سلم ترامب نسخة موقعة من عمله الذي يسلط الضوء على ضرورة مكافحة تغير المناخ الذي يسببه الإنسان خلال زيارة ترامب إلى الفاتيكان.
وفى صباح يوم الأربعاء الماضي ، اكد مسؤولون بالبيت الابيض ان ترامب يعتزم ترك إتفاق باريس، على الرغم من ان البعض مازال يجادل بانه لم يتم اتخاذ قرار بعد. وقيل ان موظفي ترامب منقسمون حول هذه المسألة، مع إيفانكا ترامب، وجاريد كوشنر، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون قد أقترحوا البقاء، بينما شجع مدير وكالة حماية البيئة سكوت برويت، و كبير الاستراتيجيين ستيف بانون، ومحامي البيت الأبيض دون ماكجان، شجعوا على الخروج. وفي الأسبوع الماضي، كتب 22 من اعضاء مجلس الشيوخ الأميركي رسالة الى ترامب يشجعونه على الانسحاب من الميثاق، قائلين أنه يمكن ان يمنعه قانونيا من إلغاء خطة الطاقة النظيفة وهى مبادرة أخرى للإحتباس الحراري في عهد أوباما.
و قد أعلن ترامب في تغريدة له على تويتر في ليلة الأربعاء الماضي، أنه سيعلن عن قراره النهائي في الثالثة عصراُ من اليوم التالي في حديقة البيت الأبيض. و قد تعهد ترامب في وقت سابق في حملته الإنتخابية بالخروج من إتفاقية باريس، و كان قد وصف ظاهرة الإحتباس الحراري بـ «الخدعة».
و وفقاً لوكالة أنباء أكسيوس، التي كانت أول وكالة أنباء قامت بنقل خبر تخطيط ترامب للإنسحاب من الإتفاقية، فإن إدارة ترامب تناقش ما إذا كانت ستخرج رسميا من الميثاق – وهي عملية قد تستغرق عدة سنوات – أو ببساطة تترك معاهدة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ التي تفاوضت على إتفاق باريس – وهي عملية أسرع وأكثر إثارة للجدل.
وبغض النظر عما إذا كان ترامب سيبقى أو يغادر، فإن معظم الحكومات الأجنبية ملتزمة بإحترام الميثاق. وفي مارس / آذار الماضي، قال متحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية إن على جميع أعضاء إتفاق باريس أن «يفوا بالتزاماتهم»، مضيفاً أن الصين ستفعل الشيء نفسه، بغض النظر عن كيفية تغير سياسات المناخ في البلدان الأخرى». وبعد شهرين، قالت الوزارة ان الرئيس الصيني شي جين بينغ تحدث مع رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون حول «كيفية حماية الإنجازات التي حققتها حكومات العالم، و من ضمنها إتفاقية باريس».
و بينما تغادر الولايات المتحدة الاتفاق، تسعى الصين أن تكون زعيم مكافحة تغير المناخ.
ووفقا لمفوض المناخ في الاتحاد الأوروبي ميغيل أرياس كانيت، شكل الاتحاد الأوروبي والصين تحالفاً جديداً رداً على قرار ترامب. وقال كانيت لصحيفة الغارديان يوم الاربعاء ان الدول «تنضم الى القوى للمضي قدما فى تنفيذ اتفاقية باريس وتسريع الإنتقال العالمي الى الطاقة النظيفة». وفى إطار جهودهما المشتركة، أعربت الصين والاتحاد الأوروبي عن «التزامهما السياسي» بالاتفاق، وتشجع جميع الدول الموقعة على القيام بذلك.
وقال ماروس شيفكوفيتش، نائب رئيس إتحاد الطاقة في الاتحاد الأوروبي، للصحفيين الأسبوع الماضي: «بالنسبة لأوروبا لا توجد خطة ب، لأننا لا نملك خطة ب». و أستعمل رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود جونكر كلمات اقسى للتعبير عن هذا الأمر. حيث أبلغ اعضاء مؤتمر طلابي ان «واجب اوروبا هو القول: لا يمكن للأميركيين الخروج من أتفاق حماية المناخ. فقط لأن ترامب لا يعرف التفاصيل «. وأضاف جونكر أن القادة الأوروبيين حاولوا تفسير تداعيات ترك الأتفاق لترامب، ولكن لم يتمكنوا من إقناعه. وقال جونكر «ليس كل شيء فى الاتفاقيات الدولية اخبارا مزيفة».
وفي حين أن قرار ترامب قد لا يؤثر على ما إذا كانت الدول تختار البقاء في اتفاق باريس، فإنه يمكن أن يؤثر على ما إذا كان الموقعون عرضة للمساءلة. وفي غياب الرقابة الأميركية، قد تكون الدول أقل ميلاً إلى الإبلاغ بشفافية عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ويرى خبراء آخرون أن قرار ترامب قد يضعف سلطة الولايات المتحدة على المسرح العالمي. وقال نيكولاس بيرنز، المسؤول الكبير في ادارة بوش، لصحيفة «نيويورك تايمز» انه «من منظور السياسة الخارجية، فان هذا خطأ فادح وهو «تخلي عن القيادة الاميركية». وأضاف لا استطيع التفكير في اي شيء اكثر تدميرا لمصداقيتنا من ذلك.
*عن مجلة أتلانتك