يقال اننا، قي العراق، اكتسبنا موهبة السجال من اجل السجال، ويقول صديق متخصص بسايكولوجيا الباطنيات، انه يدرس الان ظاهرة تدخل في صلب هذا العلم وهي ان يدافع شخص (متعلم) عن فكرة يعرف انها باطلة وليست موثقة ولا يقبلها العقل دفاعاً حماسياً كما لو ان تلك الفكرة حقيقية، فيورد معطيات ووثائق ومجتزءات تدعم رأيه القائم على البطلان، ويقول الاختصاصي، انه اخضع انموذجا من هؤلاء الى جلسات جدال على ضوء العلم الباطني ليتوصل الى حالة من الحالات التي تمر بها الشرائح المتعلمة في بلدان تُصنف على انها «مناطق نزاع» حيث يعاني العقل من التباسات من بينها الارتياب بالحقائق والدفاع عن نقائضها برغم معرفته ببطلانها.
وبهذا الصدد، لابد من الاشارة ان نخبة من الشبيبة المهمشة الساخطة، وبعض الاهواء المحلية (ولا لوم عليها) تحد السلوى بالمعارك واعمدة الدخان المرتفعة من حرائق التشهير والتسقيط وتحشيد الاكاذيب، بل ان الكثيرين يصفقون لابطال هذه المعارك ويرسلون لهم برقيات التأييد «سيروا ونحن من ورائكم» ويتفاعلون مع كومة الإساءات ويحفظون الارقام والنصوص والزلات عن ظهر قلب، وكل ذلك يدخل في عناصر لحظة الالتباس التي تعصف في البيئة السياسية والثقافية العراقية، وتجرها الى الغيبوبة العقلية.
فهل يصح ان نجاري هذا الميل الجارف بأن نلقي بعقولنا الى الدوامة؟ ثم، ماذا يعني بالنسبة لشعب ان يفقد اصحاب العقول من ابنائه عقولهم؟.
«ولعمري (هكذا يقول الجاحظ) إنّ العيون لتخطئ، وإنّ الحواس لتكذب، وما الحكم القاطع إلا للذهن، وما الاستبانة الصحيحة إلا للعقل» ويزيد «وإنما سُمّي العقل عقلاً وحجراً لأنه يزمّ اللسان عن أن يمضي فرطاً في سبيل الجهل والخطأ والمضرة» وفي سجالاته مع الاخرين يصل الجاحظ الى الخلاصة الثمينة التي يتداولها الحكماء بالقول «أنّ قيام السلطة لتنظيم المجتمع البشري أمر ضروري، وأنّ العقل مصدر هذه الضرورة».
اقول، ان اللجوء الى المنطق العقلي، في تصويب الحاضر العراقي ضروري في الظروف الاعتيادية، وفي كل زمان، وهو اكثر ضرورة في ظروف المنازعات قبل ان يتدحرج العقل الجمعي عن مكانه، وتحل في الرؤوس نشارة الخشب.
********
روبرتو كارلوس:
«عندما اريد ان احقق الفوز الاكيد لفريق ما فإنني أبحث عن لاعبين يكرهون الهزيمة «
عبدالمنعم الأعسم
إفرازات سايكولوجية
التعليقات مغلقة