تغييب الاقتصاد!

لايمكن تحقيق أي تصاعد في نسغ الاقتصاد الا في ظل ظروف الاستقرار السياسي ولايمكن تحقيق الاستقرار السياسي الا في ظل الاستقرار الامني ويمكن سريان هذه الدورة بالعكس في حياة المجتمعات والدول ويمكن القول ان معيار النجاح الحقيقي لأية دولة اليوم هو في قدرة حكومتها على تطبيق هذه المعادلة والاجتهاد في تنفيذ الاستحقاقات الوطنية التي تؤمن للشعب حياة كريمة واذا تمعنا في منظومة النجاح التي حققتها دول الاتحاد الاوروبي ودول جنوب شرق آسيا عامة وسنغافورة خاصة فثمة شواهد حية على تلمس طرق النجاح فهذه الدول استطاعت الانسلاخ والخروج من ميادين الحروب والتأزيم السياسي والأمني لتستثمر في ميدان الاقتصاد بما مكنها من اللحاق بركب الدول المتطورة وباتت اليوم تحقق التطور الانمائي والاقتصادي وتزيد مداخيل شعوبها وتنجح في قطاع الاستثمار والاعمار داخلياً وخارجياً واذا ارادت دول المنطقة العربية عامة والعراق خاصة الانضمام لهذا المستوى من النجاح فلابد من تفعيل جميع الاتفاقيات والخطط التي جرى الحديث عنها او اقرارها في بنود الجامعة العربية او منظمة مجلس الوحدة الاقتصادية العربي والتي بقيت متعثرة ومهملة بفعل الخلافات والازمات بين الدول العربية والخلافات مع الدول الاقليمية المجاورة ومع الاقتراب من القضاء على موجة الارهاب المتمثلة بالقضاء على تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا تبرز الحاجة الى تفعيل مسار التعاون الاقتصادي بين الدول العربية والدول الاقليمية بكل اشكاله ومع توفر عوامل تنمية وتطوير قطاع الاقتصاد بين العراق ودول الخليج وبين العراق وسوريا والاردن وتركيا وايران يحتاج العراقيون اليوم الى اجتهاد وارادة حقيقية لتفعيل هذه المسارات بما يعيد اعمار البنى التحتية للمدن العراقية التي تعرضت الى التدمير والتخريب وينتظر العراقيون ايضاً مرحلة جديدة تمكنهم من انهاء سنوات طوال من الحرمان وفقدان الحد الادني من البنى التحتية التي تمكنهم من تسيير شؤون حياتهم اليومية وعندما تتوفر مثل هذه الفرصة ومثل هذا التعاون لن تتمكن قوى الارهاب والجريمة من معاودة حضورها في مساحات العراق وسيكون سكان المدن الذين وصلت اليهم مكاسب الاقتصاد هم في مقدمة من يواجهون عصابات الارهاب وفي الوقت نفسه ستنعكس النجاحات في مسار الاقتصاد على علاقات الدول العربية والاقليمية فيما بينها وسيجني الجميع ثمار هذا التعاون ويمكن الاستشهاد بالاتفاق النفطي الذي ابرمته دول اوبك العربية والاقليمية مع دول العالم المنتجة للنفط لرفع اسعار النفط والاستشهاد ايضاً بحركة التجارة والتبادل التجاري مابين العراق ودول الجوار العربية والاسلامية برغم الاجواء السياسية الصعبة التي تحيط بهذه الحركة ونعتقد ان المرحلة المقبلة فرصة كبيرة لتفعيل مسار الاقتصاد والانطلاق نحو واقع جديد يزيد من التكامل الاقتصادي والسياسي بين دول المنطقة.
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة