الخطة شملت تدريب ثلاثة آلاف شخص من أبناء المحافظة لحفظ الأمن
متابعة الصباح الجديد:
تخرجت الدفعة الأولى من قوات الشرطة التي ستقوم بمهام حفظ الأمن في مدينة الرقة «عاصمة داعش «، التي باتت قوات «سوريا الديمقراطية» التي تضم مقاتلين من العرب والاكراد، على مشارفها بعد محاصرتها.
ويقول المسؤول في مجلس الرقة المدني عمر علوش أن مدربين أميركيين و أردنيين يقومون بتدريب هذه القوات في بلدة «عين عيسى» الواقعة على بعد 50 كم شمالي الرقة حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية.
وأضاف ان الخطة تشمل تدريب ثلاثة آلاف شخص من أبناء الرقة وريفها لحفظ الأمن في المحافظة بعد طرد التنظيم من المحافظة، وأوضح أنه يجري تدريب 50 شابا من أبناء الرقة أسبوعيا لهذا الغرض إلى أن يتم الإنتهاء من تدريب العدد المطلوب.
لكن كيف ستتم ادارة المدينة وريفها المترامي بعد طرد تنظيم داعش ومن سيتولى ذلك؟ كان هذا الموضوع محور شد وجذب لأشهر عديدة بين الإدارة الأميركية وتركيا خلال عهد الرئيس السابق باراك اوباما والحالي دونالد ترامب.
واقترحت تركيا أن تقوم القوات التركية بالاشتراك مع مقاتلين عرب سوريين وبدعم أمريكي القيام بهذه المهمة شريطة ابعاد القوات الكردية المعروفة بوحدات حماية الشعب عن المشاركة في العملية.
ورغم كل ما بذلته تركيا من مساع وجهود لإقناع واشنطن بتبني الخطة التركية لتحرير الرقة، استقر رأي الإدارة الأمريكية على السير قدما في الخطة الموضوعة سلفا بالاشتراك مع القوات المعروفة باسم «سوريا الديمقراطية» وعمادها المقاتلون الأكراد الذين تراهم واشنطن الشريك الأكثر فاعلية وتنظيما لها في سوريا.
وباشرت الولايات المتحدة بتقديم أسلحة ثقيلة للقوات المشتركة في عملية الرقة رغم معارضة انقرة الشديدة وتهديدها بأن هذه الخطوة ستغلق الباب تماما امام فرصة تعاون الطرفين لتحرير المدينة.
قد تكون مهمة تحرير المدينة وريفها مسألة وقت، لكن المهمة الأصعب هي تلك التي تليها، لأن الرقة بمساحتها البالغة نحو 27 ألف كليو متر مربع تحتاج إلى خدمات وإدارة وشرطة وقضاء ومدارس وغيرها من الأمور الاساسية.
وأكد المسؤولون الاميركيون ان القوات الكردية لن تتمركز في المدينة وأنه سيتم تسليم إدارتها لأبناء محافظة الرقة العرب المنقسمين ما بين مؤيد لقوات سوريا الديمقراطية ومعارض لها، المؤيدين لتركيا و الائتلاف السوري المعارض.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية في شهر نيسان الماضي عن تشكيل ما يسمى بمجلس الرقة المدني في «عين عيسي» ويضم في عضويته 10 اشخاص، كرديين اثنين وثمانية عرب ورئاسة مشتركة بين المهندسة الكردية من مدينة الرقة ليلى مصطفى والشيخ محمود شواخ البرسان.
ولم يلق الإعلان ترحيب المعارضة السورية التي نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن أحد مسؤوليها قوله «إن الاكراد هم من يتحكمون بالمجلس رغم عدم وجودهم في مدينة الرقة وذلك من خلال العضوين الكرديين الذين سيتحكمان بالمجلس».
لكن لم تتضح حتى الآن الجهة التي ستقوم بتمويل ومساعدة المجلس الذي سيتولى مهمة ادارة المدينة والمحافظة الكبيرة التي تحوي على اكبر محطة توليد كهرومائية في البلاد ومشاريع ري كبيرة إلى جانب عدد من حقول النفط والغاز.
وأكد المبعوث الرئاسي الأميركي للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» بريت ماكغورك قبل أيام قليلة أن بلاده لن تتحمل نفقات إعادة إعمار الرقة والخدمات ودفع رواتب عمال وموظفي مجلس ادارة المدينة. وأشار الى أن هناك إجماعاً على رفض عودة النظام إلى المناطق التي يتم تحريرها من التنظيم، وقال «لا أحد يريد عودة النظام السوري» وأوضح أن على السوريين التوصل الى حلول لمسألة تمويل نفقات «الخدمات الادارية والمستشفيات والتعليم» وأن بلاده والتحالف الدولي الذي تقوده لمحاربة التنظيم ستتولى مهمة تحقيق الاستقرار وتوفير الخدمات الضرورية في هذا الشأن.
وضرب ماكغورك مثال مدينة «الطبقة» التي تم طرد التنظيم منها قبل أيام قليلة «إن سد الطبقة ينتج 20 بالمائة من الكهرباء في سوريا وكان التنظيم يسيطر عليه لعدة سنوات وقد حررت قوات سوريا الديمقراطية المدينة والسد قبل ايام قليلة وحاليا تقوم فرق محلية دربناها بتفكيك الألغام والمتفجرات التي خلفها التنظيم قبل السماح للعمال بالعودة الى السد لإدارته، بمنأى عن النظام تماماً».
الخطة الاميركية لتحرير الأرض من التنظيم ومسكها تعتمد بشكل أساسي على قوات محلية سواء كانت عربية أو كردية ولا ترى أي دور للحكومة السورية فيها حاليا، وتترك تقرير المصير النهائي لهذه المناطق للتسوية السياسية للازمة السورية التي لا يبدو أن حلها قريب.
مبعث الخوف والقلق لدى أكراد سوريا في الوقت الراهن ليس نظام الأسد أو تنظيم داعش ، بل هو تركيا التي عززت قواتها على الحدود مع سوريا وفي المناطق التي تسيطر عليها في سوريا، وهددت اكثر من مرة بدخول سوريا للتصدي لما تسميه بالجماعات الارهابية حسب رأيها وأولها وحدات حماية الشعب.
وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوعان قبل أيام قليلة أن تركيا لن تتردد في اطلاق عملية جديدة في سوريا على غرار «درع الفرات» في حال مواجهتها أي تهديد من سوريا دون الرجوع لأحد في اشارة إلى الولايات المتحدة.
إعادة تطبيع الأوضاع واستقرارها في المناطق التي تخرج عن سيطرة «داعش « يتوقف الى حد بعيد على القوات المحلية ومدى انضباطها وقدرتها على الدفاع عن هذه المناطق إلى جانب وجود إدارة مدنية تحظى بقبول ابناء هذه المناطق الى حد ما.
لكن التوتر المتصاعد والمستمر بين تركيا القوات الكردية التي تسيطر على الجانب السوري من الحدود والذي يمكن ان يتحول في أي لحظة الى مواجهة عسكرية مفتوحة قد يبدد ويقضي على كل ما حققته واشنطن في سوريا بمساعدة القوات الكردية ويجعل من شمال سوريا ساحة معركة جديدة بين تركيا والأكراد.