أردوغان مرّة أخرى

ينسى كثير من السياسيين ان الخوض قي غمار السياسة يتطلب تخليهم عن مباديء والتزامات يحرص عليها غيرهم ممن لم يتلوثوا بعناوين العمل السياسي وقد يبدو مشروعا هذا التقلب في المواقف تبعاً لمصالح تبحث عنها دول واحزاب وزعامات لكن التخلي عن عناوين الشرف والصدق وتجاوز المشاعر الانسانية والدوس على كرامات الناس والتحدث من دون ضمير سيكون سلوكاً مفضوحاً ومرفوضاً من الجميع ولايمكن وصفه الا بالنفاق السياسي ويبدو ان الرئيس رجب طيب اردوغان يفصل احاديثه بما يشتهي الاخرون وبما يلبي طلباتهم فهناك حديث مع مؤيديه الناخبين من الشعب التركي وهناك حديث مع معارضيه وهناك حديث يرضي تنظيم داعش الارهابي ويخفف عنهم محنتهم وعارهم وفضائحهم وهناك حديث عن الشعب السوري والظلم الذي يتعرض له من الارهاب والقتل والتدمير وهناك حديث عن العراق ووحدته وتاريخه يقابله حديث آخر عن تفصيل طائفي مقيت لهذا البلد يتحدث فيه اردوغان عن تلعفر وحدها بعين واحدة لايرى فيها سوى الخوف على التركمان السنة في تلعفر والخشية من ابادتهم من قبل القوات العراقية التي تكابد وتضحي من اجل تحرير الموصل وتخليص اهلها من جرائم داعش ويبدو ان اردوغان يريد تفريغ مشكلاته السياسية في الداخل والخارج والتغطية عليها بالحديث عن معركة العراق مع الارهاب التي توضحت معالمها وبان الحق الساطع فيها ويقف الحلفاء والشرفاء مع العراقيين في معركتهم هذه للتخلص من شرور الارهاب وتحرير اراضيهم فيما يريد اردوغان تشويه الانتصار العراقي وحرفه عن مساراته الوطنية وتصويره على انه نزاع طائفي داخلي من دون ان يستخلص الدروس والعبر من هذا التلاعب بمشاعر الشعوب ومن دون ان يدرك حجم الاذى الذي يتسبب فيه كلامه وحديثه الى قناة الجزيرة التي اختصر فيها معركة العراق والتحالف الدولي ضد داعش بالحديث عن تلعفر وحدها وقد غابت عن اردوغان سلسلة الجرائم الوحشية التي ارتكبها هذا التنظيم الارهابي بحق كل الاديان والقوميات والمذاهب بما فيهم الشعب التركي الذي دفع ويدفع بين حين وحين آخر ثمناً باهظًا لتواجد عناصر الاجرام الداعشي على اراضيه وقتلهم الابرياء في تفجيرات ارهابية .. ومن المؤسف ان يختار اردوغان الانضمام الى تحالف الظالمين والحاقدين على العراق وهو يعلم ان قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي تخوض معركة حرصت فيها على حياة ابناء الموصل بكل طوائفهم وباعتراف التحالف الدولي وابناء الموصل انفسهم وان التأخير في اكمال مدن وقرى الموصل نابع من هذا الحرص على حياة الابرياء فيما يستمر داعش باستعمال المدنيين دروعاً بشرية ويستمر في سفك دماء اهل الموصل الذين يرومون الخلاص من بطشه ووحشيته فأي نفاق اكثر من هذا النفاق ايها الرئيس …!!!
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة