مع غياب الشفافية والأرقام الحقيقية لحجم الشراكة
ترجمة: سناء علي*
في تقرير نشرته مجلة البوليسي اشارت فيه كاتبة الصفحة « هيلين روب « الى ان « تدخل الجيش المصري بقوة، في الحياة الاقتصادية في مصر، اصبح أمرًا لا مُراء فيه، ولا يستطيع أن ينكره أحد، إلا من تكلل بالهوى، وربما الخلاف يدور حول مقدار حصة اقتصاد الجيش من جملة الاقتصاد المصري.»
وفي تساؤل طرحته روب حول ماهية تأثير اقتصاد المؤسسة العسكرية على الاقتصاد المصري ؟ بينت ان « الصورة الأولى من تدخل الجيش المصري في الحياة الاقتصادية، في عهد محمد علي، حينما منح قيادات الجيش من المصريين بعض المساحات من الأراضي الزراعية، وذلك ضمانًا لولائهم وانصياعهم لأهدافه التوسعية. لم يكن للجيش المصري دور بارز أو مؤثر في الحياة الاقتصادية حتى قيام ثورة 1952، وابتداءً من هذه اللحظة ومنذ تولي جمال عبدالناصر سدة الحكم، خلع العديد من القيادات بزاتهم العسكرية واستبدلوا بها ثيابًا مدنية لينخرطوا في الحياة الإدارية والاقتصادية المدنية.»
وبرغم غياب الشفافية حسب ما طرحته الكاتبة حول الأرقام الحقيقية لحجم الشراكة العسكرية في مصر، حيث أنه وفقًا لمؤشر مكافحة الفساد في قطاع الدفاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية في شهر سبتمبر من العام 2015، فقد جاء ترتيب مصر من بين الدول التي تواجه مخاطر الفساد في قطاع الدفاع في تصنيف «حرج» وهو التصنيف الأسوأ في المؤشر، كما يقول التقرير عن مصر «أن ميزانية الدفاع التي تقدر بنحو 4.4 مليار دولار تعد سرًا من أسرار الدولة ولا تتوافر هذه الميزانية بأي صيغة من الصيغ للجمهور أو للسلطة التشريعية. «
وبينت روب ان» للجيش المصري قانونًا سمح منذ عام 1979 بالاحتفاظ بحسابات مصرفية تجارية خاصة به، كما أن ميزانيته مستقلة عن بقية الحكومة، وأنه يسيطر على جزء كبير من الاقتصاد من خلال أعماله, وبرغم الغموض الذي يكتنف الحجم الحقيقي للأنشطة الاقتصادية للجيش المصري لانعدام منظومة الشفافية والرقابة والمساءلة، إلا أنه بالنظر إلى حجم الأصول الصناعية والتجارية والخدمية التابعة للجيش والتي لا مثيل لها في أي كيان مصري آخر، فإنه قد ذهبت بعض التقديرات إلى أن حصة القوات المسلحة من الاقتصاد المصري تبلغ 40% في الأقل، فيما تشير تقديرات أخرى إلى أنها أقل من هذه النسبة.»
وبينت الكاتبة أن « حصة اقتصاد الجيش من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، لا تتجاوز 18% في الوقت الراهن. بفرض دقة هذا الرقم، فإن ذلك يعني أن اقتصاد الجيش يسهم بـ60 مليار دولار تقريبًا في الناتج المحلي الإجمالي لمصر البالغ 330 مليار دولار للعام 2015 وفقًا لبيانات البنك الدولي، مما يعني أن الأذرع الاقتصادية الأربعة للجيش المصري قامت بإنتاج ما قيمته 60 مليار دولار في العام 2015، ما يعني أن بقية القوى الفاعلة في الاقتصاد المصري كالقطاع الخاص وقطاع الأعمال الحكومي قام بإنتاج ما قيمته 270 مليار دولار من العام نفسه.»
وبينت انه» فيما لو كان إجمالي الإيرادات الضريبية في الموازنة العامة المصرية للعام المالي 2015/2016 بلغت 362 مليار جنيه، وإذا كانت أنشطة الجيش الاقتصادية معفاة من الضرائب ومتطلبات الترخيص التجاري وفقًا للمادة 47 من قانون ضريبة الدخل لعام 2005 كما ينص قانون الإعفاءات الجمركية لعام 1986 على إعفاء واردات وزارة الدفاع ووزارة الدولة للإنتاج الحربي من أي ضريبة. وبالتالي فإن إجمالي الإيرادات الضريبية مصدرها القوى الاقتصادية كالقطاع الخاص والعام، ولا تشارك فيها أنشطة الشركة العسكرية بحكم إعفائها من ذلك، وعند احتساب قيمة الضرائب التي كان من المفترض أن تُورَّد للخزانة العامة للدولة من قِبل اقتصاد الجيش بالنسبة إلى حجم مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي، يتضح أن الرقم التقريبي هو 65 مليار جنيه حُرمت منها الخزانة العامة للدولة بسبب امتياز واحد من امتيازات اقتصاد الجيش وهو الإعفاء الضريبي والجمركي لأنشطته.»
واختتمت روب تقريرها بالقول ان « 65 مليار جنيه في العام 2015 كان يمكن بهذا الإيراد العام أن يتم تخفيض عجز الموازنة المتوقع في العام المالي الحالي والبالغ 320 مليار جنيه، أي تخفيضه بنسبة 20% تقريبًا. أو كان يمكن ضخ هذا المبلغ في ميزانية التعليم المهترئة لترتفع بنسبة 62% إلى النسبة الموجودة حاليًا في موازنة العام المالي الحالي، أو ضخها في قطاع الصحة المتدهور ليرتفع بنسبة 132% إلى ميزانيته الموجودة حالياً، أو ضمه إلى قطاع الإسكان والمرافق المجتمعية لتحسين البنية التحتية الأساسية التي تعاني من التدهور الشديد والاسهام في حل مشكلة الإسكان المتفاقمة في مصر، لترتفع نسبة ميزانية الإسكان والمرافق المجتمعية في الموازنة العامة الحالية إلى 127% من نسبتها الحالية.»
* عن موقع مجلة الفورين بوليسي