حول قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات

د.علي الرفيعي
رئيس التحالف المدني الديمقراطي
جملة ملاحظات أعدَّها رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات سربست مصطفى رشيد ، على مشروع قانون انتخابات مجلس النواب العراقي، ومشروع التعديل الثاني لقانون المفوضية رقم (11) لسنة 2007، ويومها طرحنا الملاحظات للنقاش العام بطلب من السيد رشيد نفسه، وقد استجاب عدد من المتخصصين والخبراء في الشأن الانتخابي لدعوتنا مشكورين. وابتداءً من يوم الأحد 12 من هذا الشهر بدأت المدى بنشر ما وردها في سلسلة مقالات متتابعة تناقش قانون الانتخابات والمفوضية.
مشروع قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب الذي أُرسل الى المجلس من قبل رئاسة الجمهورية لاقى معارضة شديدة من قبل ائتلاف معين وكتلة معينة في التحالف الوطني عدا التيار الصدري وحزب الفضيلة خوفاً منها على تراجع نفوذها في الساحة السياسية العراقية التي شهدت متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية منذ عام 2003 وحتى اليوم لا تنصب في صالح نفوذ احزاب الاسلام السياسي الماسكة بزمام الامور في البلاد .
ما أعلنته من أسباب لرفضها هذا المشروع هو أنه وضع لصالح احدى الكتل من دون أن تحددها بالاسم وهي تقصد كما يعرف الجميع التيار الصدري وهي حجة غير واردة ذلك ان التيار الصدري قدّم مشروعه الخاص بالانتخابات. نعم هناك نقاط معينة يتفق عليها الجميع اذا كانت تؤدي إلى تحقيق العدالة في الانتخابات وتؤمن رقابة محايدة ونزيهة للاشراف عليها.
لكن في تصورنا ان السبب الحقيقي لرفض هذه القوى السياسية لمشروع قانون رئاسة الجمهورية يكمن في تخوفها من انحسار نفوذها السياسي وهو ما أفصح عنه بنحو واضح وصريح بعض نواب البرلمان من اعضاء ائتلاف دولة القانون اذ صرح النائب السيد عدنان الاسدي القيادي في حزب الدعوة بتاريخ 14 آذار الجاري بأن: (قانون الانتخابات يشتت اصوات الكتل الكبيرة ويمثل استهدافاً سياسياً لمرشحين بعينهم) اما النائب السيد عباس البياتي من الائتلاف نفسه فقد ادلى بتصريح الى قناة (NRT) يتضمن التوجه نفسه إذ قال (مشروع القانون سيثير خلافات كبيرة لانه سيؤدي إلى تفتيت الاحزاب والكتل الكبيرة بنحو غير منصف) وهنا رقَّ قلب السيد البياتي على القوى السياسية الاخرى التي اعتادوا تسميتها بالكتل الصغيرة إذ قال (نحن نريد قانوناً يساعد الكتل الصغيرة لا ان يلحق الضرر بالكتل الكبيرة).
ان القوى المدنية التي لم تشارك في المداولات التي تمت بشأن مشروع قانون انتخابات مجلس النواب المقدم من قبل رئاسة الجمهورية ومشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات المقدم من مجلس الوزراء. ترى ان هذين المشروعين وان كانا لا يلبيان طموحاتها الا انها ترى ان مشروع رئاسة الجمهورية يمثل خطوة اولى في الاتجاه الصحيح نحو قانون عادل للانتخابات، اذ تضمن توزيع المقاعد في الدائرة الانتخابية (المحافظة) على وفق الأسس التالية: – (50%) من المقاعد في الدائرة الانتخابية توزع على المرشحين الذين حصلوا على أعلى الاصوات في كل القوائم المتنافسة دون حصرها بقائمة محددة وهو ما تعارضه الكتل الرافضة للمشروع.
50% الباقية من المقاعد يتم توزيعها وفق نظام (سانت ليكو) ولكن ليس بصيغته الأصلية وانما بطريقة اخرى مشوّهة فبدلاً من تقسيم مجموع اصوات القائمة على (1، 3، 5،7… ألخ) أن التعديل (المشوّه) الذي ادخل على نظام سانت ليكو يتعارض مع هدف النظام المذكور وهو تحقيق نوع من العدالة في العملية الانتخابية اذ انه بصيغته الاصلية يتيح الفرصة لكل الكتل المشاركة في الانتخابات بشتى أحجامها في الحصول على عدد من المقاعد الانتخابية وهو ما تحقق بالفعل لاول مرة في انتخابات مجالس المحافظات عام 2013.
ان الإصرار على الابقاء على قانون الانتخابات الحالي وعدم تعديله او تشريع قانون جديد لا يحقق العدالة في الانتخابات ويضع العقبات امام القوى المدنية وحتى بعض احزاب الاسلام السياسي التي حصلت على مقاعد قليلة في مجلس النواب، كحزب الفضيلة، يبرهن من جديد على سلوك احزاب السلطة بعدم تخليها عن المحاصصة السياسية والاستهانة بالرأي الآخر الذي تعبر عنه التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المتواصلة في تشريع قانون انتخابي عادل وتعديل قانون المفوضية المستقلة للانتخابات بما يؤدي الى الابتعاد عن المحاصصة الطائفية والآثنية في اختيار اعضاء مجلس المفوضين او إناطة الإشراف على الانتخابات بجهة قضائية محايدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة