تداعيات قيود ترامب على الصين وبقية الدول

الرئيس الأميركي عدّها الأهم في سياسات ادارته
ترجمة: سناء علي

في تقرير كتبه المحلل السياسي والصحفي « برنارد استر « وتم نشره على التايمز البريطانية اشار فيه الى ان « من اهم خصائص ترامب نزوعه الشديد لتسطيح القضايا وعزوفه عن استنباط حلول معقدة وناجعة، واستعداده الدائم للمعادلات الثنائية المبسطة. شعار ترامب سالف الذكر لا يشكل سياسة مترابطة بأي مقياس معتمد، حاول «توضيحه» بأنه «سيكون الموضوع الرئيس المهيمن لادارتي» المقبلة.في الوعي الجمعي العام، شعار ترامب يعني «ترسخ العداء للقطاعات الاجتماعية غير المتجانسة مع نسقه وبرامجه، وصعود قوي للمشاعر الوطنية الضيقة،» ويعكس حالة مقلقة لاستيعاب التطورات العالمية وتهديد سياسات الانفتاح والترابط جسدها سريعاً ترامب في قرارات «لبناء جدار عازل مع المكسيك، حظر دخول ضحايا الحروب والارهاب من المسلمين،” والتخلي عن ركيزة السياسة الاميركية بصين واحدة.»
وتابع بالقول « لجوء ترامب لاستعمال حقه الرئاسي في اصدار قرارات نافذة كان سريعاً ومنذ اليوم الاول، في تباين واضح مع خطابه السياسي الانتخابي وتحذيره سابقاً من الرئيس اوباما من «مخاطر استبداد البيت الابيض اتخاذ سياسات من دون (المرور على) الكونغرس.» بل ينقل المقربون من ترامب انه في اسبوعه الاول «لم يبذل الا جهداً ضئيلا لاستشارة الهيئات الحكومية» التي وضعها ضمن دائرة استهدافه. واضافوا ان «طواقم موظفي البيت الابيض لا يعلمون بمحتويات القرارات الرئاسية،» التي يعتقد انها صيغت من قبل مستشاريْه المقربيْن، ستيف بانون وستيفن ميللر، اللذين اعدا خطاب ترامب الرئاسي المثير للجدل. من ضمن قرارات ترامب الرئاسية في اسبوعه الاول في البيت الابيض كان قراره بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ، وتسليطه الاضواء على ما يعتقده من «هجوم الصين الاقتصادي على فرص العمل والثروة الاميركية.» ووعد ايضاً بتمزيق اتفاقية التجارة في اميركا الشمالية، نافتا، في المدى القريب، واستبدالها ربما باتفاقية جديدة سيتم التفاوض بشأنها مع كل من كندا والمكسيك.»
واضاف ايضًا « في مسألة تحقيق السلم العالمي، التي عوّل البعض على ترامب وميله لتعديل سياسات اميركا بالهيمنة وبسط النفوذ، شن حملة عدائية على «حلفاء الولايات المتحدة،» الاوروبيين على قاعدة تحفظهم في زيادة الانفاقات العسكرية والمساهمة بنسبة اعلى في تحمل اعباء حلف الناتو، متعهداً «بإعادة بناء القوات المسلحة الاميركية،» ورفع سقف الدين العام والذي ستكون وزارة الدفاع اول المستفيدين من الاموال الاضافية , كما ان اعلان ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية التجارة الحرة في اميركا الشمالية، «نافتا،» يداعب غرائز قيادات نافذة في الحزبين لخشيتها من تفشي ارتفاع معدلات البطالة وهجرة المصانع الاميركية خارجها، كما تقتضي ضوابط «تحرير التجارة.» عدّ الرئيس الاسبق كلينتون اتفاقية «نافتا» من ابرز انجازات ادارته نظراً للتسهيلات التي توفرها للاستراتيجية الاميركية الكونية ونيتها لاستقطاب الاقتصاديات الاسيوية النامية تحت مظلتها.»
موضحاً ان « احجام الصين عن الانضمام للاتفاقية الموقعة آثار موجة اعتراضات اميركية استغلها ترامب وفريقه للتنديد بها والزعم انها المستفيد الاول، في سياق مزاعم أخرى بإصراره على ان الغاء الاتفاقية «سيجلب فرص عمل اضافية للولايات المتحدة.» الواقع يشير الى حقائق مغايرة، منها ان الدول الموقعة عقدت سلسلة لقاءات بهدف استقطاب الصين لدخول الاتفاقية كما ان برامج ترامب الاقتصادية التي قدمها ابان السباق الانتخابي تنافي السياسات الاميركية السابقة بالانفتاح وقيادة التوجه الاقتصادي العالمي، كما يردد باستمرار، اذ يسعى بفعلته «لإعلان حرب ضد منظومة التجارة الدولية،» واشهار نظام حمائي للمنتجات الاميركية، التي يتلقى معظم اصحابها دعماً حكومياً ثابتاً خاصة في المنتجات الزراعية المتعددة , لذلك يتهيأ ترامب لتسليط الضوء على تعديل او الغاء اتفاقية التجارة الحرة، نافتا، المعقودة مع كندا والمكسيك، بعد نجاحه في الغاء الاتفاقية الدولية، تي بي بي، من دون ادنى اعتراض او مقاومة.»
واكد استر في تقريره « تباينت تفسيرات الرؤساء الاميركيين تباعاً لنصوص اتفاقية نافتا، الموقعة عام 1994. تفسير ترامب يهشم الاتفاقية ويقزمها الى بند وحيد يخص تصدير شركات اميركية تعمل خارج الحدود، المكسيك بالذات، لبضائعها للسوق الاميركية من دون رسوم جمركية. ترامب سارع للإعلان عن قمة قريبة في واشنطن تجمعه برئيس وزراء كندا ورئيس المكسيك «لاعادة مناقشة نافتا» يرمي من ورائها فرض رسوم على بعض السلع المتجهة للسوق الاميركية, كما ان تصميم ترامب على المضي ببناء الجدار العازل مع المكسيك رافقه ايضاً الزعم ان كلفة الجدار ينبغي ان تتحملها المكسيك؛ مما حدا بالرئيس انريكه بينيا نياتو اعلان احتجاجه عالياً وتراجعه عن لقاء ترامب المقرر.»
اما رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو فقد اشار استر ان عشية انعقاد القمة اعرب عن قلقه وعزمه اطلاع مضيفه ترامب على «فوائد التجارة بين البلدين وارتباطهما الوثيق ببعضهما.» يشار الى ان ترودو التقى مطلع الاسبوع الجاري في مدينة كالغاري بكندا مدير المنتدى الاستراتيجي الذي استحدثه ترامب، ستيفن شوارزمان، لطمأنة الجانب الكندي بنوايا الرئيس «لاعادة التفاوض،» في ظل قلق كندا من تكبدها «خسائر جانبية» بسبب السياسة الحمائية التي يروج لها ترامب.»
لافتاً النظر الى ان « احد اكبر المشاريع الاقتصادية بين كندا والولايات المتحدة تمثل في مد خط انابيب لنقل النفط الكندي الى المصافي الاميركية على سواحل خليج المكسيك، المعروف بـ «كي ستون اكس ال» والذي يخترق اراضي محميات للسكان الاصليين في ولايتي داكوتا الشمالية والجنوبية. النقابات العمالية اصطفت لتأييد انشاء الخط، بينما آثر الرئيس اوباما آنذاك التمهل في المصادقة عليه رسمياً «لاعتبارات عدة من بينها البيئة،» والمعارضة الشديدة من السكان الاصليين اصحاب الاراضي. ترامب بدوره وقع قراراً رئاسياً للشروع بانشاء خط الانابيب، الأمر الذي سيضعف لحمة صفوف الحزب الديموقراطي وتحالفاته العمالية السابقة.»

*عن صحيفة الـ «صن تايمز الاميركية»

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة